أمر الإسلام بالإحسان إلى الرقيق

ولما أباح الله تعالى الرق أمر بمعاملة الأرقاء معاملة حسنة، ورد في حديث: (أن أبا ذر سب رجلاً كأنه مملوك، فعيره بأمه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية، هم إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده؛ فليلبسه مما يلبس، وليطعمه مما يطعم، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم) .

وقد أمر الله تعالى بحسن الملكة، وجعل للمماليك حقاً من الحقوق العشرة في آيات الحقوق العشرة، وهي قوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:36] ، أي: أحسنوا إليهم، فجعل لهم حقاً مع الوالدين والأقربين ونحوهم، فإذا كان كذلك دل على أن الإسلام جاء بالإحسان إليهم.

الجواب على شبهات الكافرين حول الرق في الإسلام

اشتهر في هذه الأزمنة أن الكفار والنصارى ونحوهم يعيبون المسلمين، ويقولون: تستخدمون أخاكم الذي هو رجل مسلم مثلكم! تستخدمونه وتجعلونه كسلعة، وتبيعونه وتشترونه كأنه بهيمة! هذا لا يبيحه العقل، هذا لا يجيزه إنسان ذو عقل، فعابوا على المسلمين أنهم يبيحون الرق، وأنهم يجيزون أن يملك الإنسان إنساناً وأن يستخدمه!

والجواب

 أولاً: أنه ما استبيح إلا لأنه كان عبداً للشيطان، كافراً بالله تعالى، فلما كان كافراً أباح الله للمسلمين إذا تغلبوا عليه أن يسترقوه وأن يجعلوه مملوكاً لهم، بدل ما كان عبداً للهوى والنفس والشيطان.

ثانياً: معلوم أنهم إن استولوا على النساء وعلى الأولاد، فإنهم يستولون عليهم ويكونون مماليك، وأما الرجال والأكابر فقد يخيّرون إذا استولوا عليهم بين أربعة أشياء: بين أن يكونوا أرقاء ولو كانوا كباراً.

وبين القتل لأنهم كفار.

وبين المنّ عليهم.

وبين أخذ الفدية.

قال الله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} [محمد:4] يعني: أوثقوهم وأسروهم {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد:4] فخيرهم بين المن وبين الفداء، ولما أسر الذين أسروا في غزوة بدر منَّ النبي صلى الله عليه وسلم على بعضهم، وفادى ببعضهم، وقتل بعضهم، وكذلك استرق بعضهم، فكان هذا هو الذي جاء به الإسلام.

معلوم أنه إذا كان رقيقاً وهو كافر، فإن صاحبه الذي هو في ملكه قد يبيعه، فتشتريه أنت وتبذل ثمنه، فإذا أسلم بقي مملوكاً حتى لا يضيع مالك الذي بذلته فيه، فيبقى على رقه بعد أن يسلم؛ وذلك لأنه أصبح مملوكاً، وأصبح مالاً متمولاً، ولو كان من أسلم تحرر لضاعت أموال كثيرة.

فالمسلمون يتبادلون هؤلاء الأرقاء فيبيع هذا ويشتري هذا، فإذا اشتراهم وهم أرقاء ثم أسلموا بقوا على رقهم، وحق له أن يستخدمهم، وله أن يبيعهم، وله أن يعتقهم.