إنَّ للدعاءِ فَوَائِدَ كَثِيرَةً، فإذا عرفناها وتدبرناها وحرصنا عليها؛ أكثرنا من الدعاء، وتقربنا من الله أكثر، وكان ذلك سبباً في أن يقبل الله تبارك وتعالىٰ دعاءنا، فمن هٰذه الفوائد

  أولاً: الاستجابة لأمر الله تبارك وتعالىٰ: قال الله تعالىٰ: ﴿ ٱدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: 60]

  ثانياً: دفع غضب الله جل وعلا: قال النبي ﷺ للمتكبرين: «من لم يسأل الله يغضب عليه»([1])

  وصدق من قال

 

اللهُ يَغْضَبُ إِنْ تَرَكْتَ سُؤاله 

                                                وَبُنَيَّ آدَمَ إِنْ سَأَلْتَهُ يَغْضَبُ                                                 

  ثالثاً: أنه يدفع المكروه: فقد يدفع الله ــ تبارك وتعالىٰ ــ المكروه بدعائك، أو يخففه أو يضعفه كما قال النبي ﷺ: «ماَ مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيها إِثْمٌ ولَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ؛ إِلَّا أَعْطَاهُ الله بها إحدىٰ ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها». قالوا: إذاً نكثر. قال: «الله أكثر»([2])

  عجيب ربنا سبحانه وتعالى، رحيم ربنا، كريم ربنا جل وعلا «ما من مسلم يدعو بدعوة» يسأل الله ــ جل وعلا ــ إلا أعطاه الله واحداً من ثلاثة أمور:

  الأمر الأول: «إما أن تعجل له دعوته»، أن يستجيب له، وهو المطلوب

  الأمر الثاني: «وإما أن يدخرها له في الآخرة» يصرف الله سبحانه وتعالى عن العبد الأمورَ الجسام العظام في ذلك اليوم بسبب دعاء دعاه في هٰذه الدنيا

  الأمر الثالث: «وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها» ما كان يمكن أن يصيبك، وأنت لا تشعر، ولكن الله لا يضيع أجر عامل أبداً

  ولذلك تفطن أصحاب النبي ﷺ إلىٰ هٰذه القضية، وإلىٰ هٰذه الفائدة العظيمة، فقالوا: يا رسول الله! إذاً نكثر من الدعاء، حتىٰ لو لم نصب بمصائب، نحن محتاجون إلىٰ أن يصرف الله عنا من البلاء، نحن محتاجون إلىٰ أن يؤخر الله لنا إلىٰ يوم القيامة، قال: «الله أكثر» فعلىٰ المسلم إذاً أن يحرص علىٰ أن يدعو الله، وأن يعرف قَدْرَ هٰذا الدعاء

  قال الشافعي رحمه الله تعالىٰ

أَتَهْــزَأُ بِالدُّعَاءِ وَتَزْدَريه وَمَا تَدْرِي مَا صَنَعَ الدُّعَاءُ

سِهَامُ اللَّيْلِ لَا تُخْطِي وَلَكِنْ لَهــا أَمَدٌ وَلِلْأَمَدِ انْقِضَاءُ

  خص السهام بالليل؛ لبعد الإنسان عن مراءاة الناس، وعن سمع الناس، وإنما يدعو الله سبحانه وتعالى خالصاً من قلبه، منيباً إليه جل وعلا «سهام الليل لا تخطي ولكن لها أمد» أي: مدة، لحكمة أرادها الله تبارك وتعالىٰ

 

([1])       أخرجه الترمذي في «الجامع» (3295) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه

([2])      أخرجه أحمد في «المسند» (10709) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وصححه الألباني