الوقف الخاص
24-04-2023
الوقف الخاص
استواء الذكور والإناث في حالة الوقف على الأولاد
قال المصنف رحمه الله: (وإن وقف على ولده أو ولد غيره فهو لذكر وأنثى بالسوية، ثم لولد بنيه) : كلمة الولد يدخل فيها الذكر والأنثى، كما في قوله تعالى: {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء:11] فالأنثى تسمى ولداً؛ لأنها مولودة، وكما في قوله تعالى: {إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ} [النساء:11] ، وقوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ} [النساء:12] ، وقوله: {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ} [النساء:12] ، فيدخل الذكر والأنثى في كلمة ولد، فإذا قال: هذا الوقف -بستاناً كان أو دكاناً- وقف على ولدي، أو قال: وقف على ولد أخي، أو قال: على ولد ابن عمي فلان؛ فإنه يدخل فيه الذكور والإناث؛ لأنهم جميعاً من الولد.
ثم اختلفوا هل يكون وقفاً يتوزعونه بالسوية، أو يُفضل بعضهم كالذكور؟ المشهور أنهم يستوون.
الوقف على ولد الابن وحكم دخول أولاد البنات فيه
قوله: (ثم بعدهم لولد بنيه) ، يعني: ذكوراً وإناثاً دون ولد البنات، فلا يدخل أولاد البنات؛ لأنهم يعتبرون أجانب، فلا يدخلون في قوله: على ولدي.
ثم هاهنا أيضاً مسألة تُشكل كثيراً: يأتوننا أناس ويقولون: إن جدنا مات، وجعل الوقف على أولاده، وأبونا قد مات، وأعمامنا لم يعطونا نصيب آبائنا، فهل لأولاد بنيه نصيب في هذه الحال؟ بعض الواقفين ينص على ذلك، فيقول: من مات من أولادي فنصيبه لأولاده، وفي هذا حل للنزاع، وبعضهم يسكت ويقول: على أولادي، أو يقول: على أولادي ثم أولاد بني ثم أولادهم وإن نزلوا، فإذا مات واحد منهم قد يكون له أولاد فقراء وأيتام، فأعمامهم يستغلون هذا الوقف ويقولون: لا حق لكم؛ لأنكم من البطن الثاني ونحن من البطن الأول!
الجواب
الواقف ما أراد إلا الأجر، وهؤلاء من ولده، وهم أيتام وفقراء، ففي هذه الحال الراجح أن من مات من أولاده فسهمه لذريته.
وإذا كان أولاده مثلاً عشرة، فالبنت إذا ماتت يرجع سهمها إلى الذكور، وليس لأولادها شيء؛ لأنهم أجانب، وأما الابن إذا مات فإن أولاده لهم حق، فلا يسقط حقه، فنرى في هذه الحال أنهم يعطون من غلة وقف جدهم.
وعبارة الفقهاء: (ثم لولد بنيه) يقتضي أنهم لا يعطون البنين إلا إذا انقطع الأولاد، ومعنى هذا أنه إذا كان الوقف غلته مائة ألف، وأولاده عشرة ذكور وإناث، فماتت بنت فإن المائة الألف تقسم على التسعة الباقين، فإذا ماتت بنت أخرى، قسمت المائة ألف على الثمانية، وكذلك إذا مات ابن، بل إذا ماتوا كلهم إلا واحداً فتكون الغلة لهذا الواحد، ولو بقي عشرين سنة وهو يأكل هذه الغلة، وأولاد إخوته فقراء ويتامى لا يعطيهم شيئاً، هذا مقتضى كلام بعض الفقهاء، ولعل الصحيح أنهم أولى بالرحمة، لاسيما إذا مات آباؤهم وهم أطفال، فهم أولى بأن يعطوا أنصباء آبائهم.
قال: (وعلى بنيه أو بني فلان، فللذكور فقط) أي: إذا قال: هذا وقف على بني، أو على بني أخي، أو على بني أختي؛ فإن كلمة (بنين) تختص بالذكور؛ لأنه إذا قيل: فلان له أولاد؟ قالوا: نعم، له أربعة بنين وخمس بنات، فقسم الأولاد إلى بنين وبنات، كما يقال الآن: مدارس بنين ومدارس بنات، أما كلمة أولاد فإنها تعم الذكور والإناث، فكلمة بنين تختص بالذكور، فإذا قال: هو وقف على بني، أو على بني أخي، أو على بني عمي؛ اختص بالذكور.
وكانوا يخصون الذكور؛ لأن الإناث غالباً يستغنين بمهورهن وبنفقة أزواجهن، فالمرأة لا تحتاج غالباً إلى المال؛ لأنه ينفق عليها زوجها، وأما الأبناء الذكور فإنهم بحاجة إلى دفعه في مهور، وإلى دفعه في نفقة على الأولاد، أو نفقة على الزوجات، أو على الخدم، أو ما أشبه ذلك، فقد يجوز أن يخص به الذكور، سيما إذا زوّج البنات في حياته، وعرف أنهن استغنين، فيقول: غلة هذا الدكان على بني أو ما أشبه ذلك، فيختص بالذكور فقط.
توزيع الوقف على الأولاد والأبناء والقبائل ونحو ذلك
قال المصنف رحمه الله: (وإن كانوا قبيلة دخل النساء دون أولادهن من غيرهم) أي: إذا وقف على قبيلة، والقبيلة كما إذا قيل مثلاً: بنو تميم، بنو أسد، بنو خزيمة، بنو يربوع، بنو دارم، بنو حنظلة، بنو جهينة، وما أشبهه؛ فهذه قبائل، فإذا وقف على قبيلة دخل فيهم الذكور والإناث إلا أولاد الإناث من غيرهم؛ وذلك لأنهم لا ينتسبون إليهم، بل ينتسبون إلى قبائلهم، فمثلاً: امرأة من بني سليم زوجها من غطفان فيقال: أولادها من غطفان لا من سليم، فإذا وقف على بني سليم دخل الإناث دون أولادهن من غيرهم.