حكم إمامة الفاسق في الصلوات والجمع والأعياد
30-03-2023
حكم إمامة الفاسق في الصلوات والجمع والأعياد
قال: (ولا تصح خلف فاسق إلا في جمعة وعيد تعذرا خلف غيره) : الفاسق الذي عرف بالفسق، كأن عرف بشرب الخمر، أو بالزنا، أو بأكل الربا، أو بشهادة الزور، أو بالسرقة، أو بالظلم والعدوان، أو بتتبع العورات، أو غير ذلك من موجبات الفسق، لا تصح إمامته سواء كان فسقه بالأفعال كالزاني والسارق، أو بالعقائد كالرافضي والخارجي، فهؤلاء لا تصح الصلاة خلفهم، ولو كان مستوراً فلا بد أن نبحث عنه.
وهل تصح صلاته بمثله؟ في ذلك خلاف، ومعلوم أنهم إذا كانوا كلهم سواء فلا بد أن يتقدمهم أحدهم، فإذا كنت تعلم فسقه فلا تصل خلفه، إذا كان فسقه شيئاً ظاهراً كحليق مثلاً، أو تعلم أنه يشرب الدخان، أو أنه مسبل ثوبه وأنت تراه فلا تصل خلفه، أما إذا كان مستوراً فإنك لا تبحث عنه.
يستثنى من ذلك: صلاة الجمعة والعيد إذا تعذرا خلف غيره؛ وذلك لأنه غالباً ما يتولاها الأمراء، وقد يكون الأمير مشهوراً بشيء من البطش ومن الظلم ومن الاعتداء، والتسرع في الحكم على المتهمين بظلم أو نحو ذلك، فمثل هذا قد يرخص في صلاة الجمعة والعيد خلفه، وكان الصحابة والتابعون يصلون خلف بعض الأمراء في عهد بني أمية، وأولئك الأمراء قد اشتهروا بشيء من الفسق والمعاصي، مثل: تأخير الصلاة عن وقتها كصلاة العصر، ومثل: التسرع في قتل الأبرياء، وكثرة السجون ونحو ذلك، فيصلون خلفهم لتعذر الصلاة خلف من هم عدول.
حكم إمامة من حدثه دائم وأمي ومريض
لا تصح إمامة من حدثه دائم كصاحب السلس والقروح السيالة، واختلف هل يصلي بمثله أم لا؟ والأرجح أنه يصلي بمثله؛ وذلك لأن حدثه دائم؛ ولأن طهارته ناقصة.
قال: (ولا تصح الصلاة خلف الأميّ وهو الذي لا يحسن الفاتحة أو يدغم فيها حرفاً لا يدغم، أو يلحن فيها لحناً يحيل المعنى) .
الأمي في الأصل الذي لا يقرأ ولا يكتب، لقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا} [الجمعة:2] يعني: أن العرب كانوا أميين غالباً، ثم اصطلح الفقهاء على أن الأمي هو الذي لا يحسن الفاتحة، أو يقرؤها ولكن يغلط فيها، فيدغم فيها حرفاً لا يدغم في أي قراءة من القراءات، هناك قراءة لبعض القراء وهو أبو عمرو يدغم الميم في قوله: (الرحيم ملك) يجعلها ميماً مشدداً، فمثل هذا قراءة سبعية وإن كانت مكروهة.
فأما إذا أدغم حرفاً لا يدغم مثله، فإن ذلك يخل بقراءته، يسأل بعض الإخوان عن بعض الهنود الذي يقلبون الحرف، حرف الحاء هاء، يقول: الهمد لله، نقول: مثل هذا لا تصح إمامته إلا بمثله، لأن هذا قد يكون عاجزاً عن النطق بحرف الحاء، فتصح صلاته بمثله، وإلا فالأصل أنه لا يتقدم الذين لا يحسنون الفاتحة.
وذكر صاحب سلس البول، وقد تقدم أنه داخل في الحدث الدائم.
كذلك العاجز عن الركوع أو السجود أو القعود ونحوها، هذا أيضاً لا تصح إمامته؛ لأنه إذا كان لا يستطيع الركوع ما تمت صلاته، فيصلي جالساً لنفسه مأموماً فلا يصلي إماماً، وكذلك بقية الأركان.
وحد العاجز هو الذي لا يأتي بالركن كاملاً، فإذا كان عاجزاً عن الانحناء بحيث لا يقدر أن تصل يداه إلى ركبتيه صدق عليه أنه عاجز عن الركوع.
كذلك مثلاً: إذا كان عاجزاً عن القعود بحيث إنه لا يستطيع أن يجلس مفترشاً بين السجدتين أو التشهد؛ لعيبٍ مثلاً في ركبته أو في قدمه، فيصدق عليه أنه عاجز عن القعود، وكذلك إذا كان لا يستطيع السجود لمرض مثلاً في رأسه أو في عينه يمنع من السجود، فيصدق عليه أنه عاجز، وكذا عاجز عن اجتناب نجاسة، فإذا كان مثلاً لا يستطيع أن يزيل النجاسة التي على ثوبه أو على بدنه فهو معذور والحال هذه، وكذلك لو كان عاجزاً عن استقبال القبلة فإنه تصح صلاته وحده ولا يصح أن يكون إماماً.
أما العاجز عن القيام ففيه خلاف قد أشير إليه فيما تقدم، وذكرنا قوله صلى الله عليه وسلم (وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعين) فرخصوا في إمام الحي الراتب إذا رجي زوال مرضه، وابتدأ الصلاة بهم جالساً فإنهم يصلون خلفه جلوساً.
أما إذا كان لا يرجى زوال مرضه، فالأصل أنهم يستبدلون به غيره؛ لأنه والحال هذه يستمرون في صلاتهم وهم جلوس، وكذلك إذا ابتدأ بهم الصلاة وهو قائم ثم اعتلّ لزمهم أن يتموا وهم قيام.
حكم إمامة المميز دون البلوغ والمرأة والمحدث واللحان
صلاة المميز للبالغ في فرض لا تجوز، والمميز هو الذي دون العشر، فلا يصح أن يؤم البالغين في الفريضة، ولو كان أقرأ من غيره.
ولا تصح إمامة المرأة للرجال والخناثى ونحوها؛ وذلك لأن المرأة مأمورة بأن تكون خلف الرجال فلا تتقدمهم، وكذا لو صلت في وسطهم ولو كانوا محارم لها.
ولا تصح خلف محدث يعلم حدثه، فإذا صلى وهو محدث بطلت صلاته وصلاة المأمومين، وكذا إذا كان عليه نجاسة يعلمها بطلت صلاته وصلاة المأمومين، فإذا جهل حتى انقضت صحت صلاة المأموم، فقد ثبت أن عمر رضي الله عنه صلى مرة الفجر، فلما خرج إلى بستان له وجد على فخذه آثار احتلام، فعلم أنه صلى بهم وهو محتلم، فاغتسل وأعاد ولم يأمرهم بالإعادة، فإذا صلى الإمام وهو ناسٍ الحدث ولم يتذكر إلا بعدما انتهت الصلاة أعاد وحده، فإن تذكر وهو في الصلاة لزمهم الإعادة كلهم.
وتكره إمامة اللحان والفأفاء ونحوهم، اللحان قيل: إنه الذي يلحن في قراءته، وقيل: إنه الذي فيه لحن، والكل منهي عنه، سواء كان الذي يلحن في قراءته حتى تكون كأنها غناء، أو الذي يلحن في قراءته ويغلط فيها غلطاً يحيل المعنى.
والفأفاء: هو الذي يكرر الفاء، وكذا التمتام: الذي يكرر التاء عند النطق، إذا أراد أن ينطق مثلاً بكلمة أولها تاء كرر التاء (ت ت ت) وكذلك يكرر الفاء (ف ف ف فأقول) ، هؤلاء في إمامتهم نظر بسبب هذا التكرار.