أوقات النهي عن الصلاة
30-03-2023
أوقات النهي عن الصلاة
أوقات النهي خمسة: اثنان موسعان، وثلاثة مضيقة، الموسع من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس، وبعد صلاة العصر إلى أن تتهيأ الشمس للغروب، والمضيق من طلوع الشمس إلى أن ترتفع قدر رمح، ومن تهيئها للغروب إلى أن يتم غروبها، وعند قيامها حتى تزول، فالمضيقة وقتها قصير، فبعد أن ترتفع الشمس ويطلع حاجبها يتوقف عن الصلاة حتى ترتفع قيد رمح، ويمكن أن يقدر ذلك بخمس دقائق أو عشر على الأكثر، وإذا تهيأت الشمس للغروب يكون ذلك قبل أن تغرب بعشر دقائق تقريباً، وهو وقت المضيف حتى يتم غروبها، وكذلك عند الزوال إذا وقف الظل عن الزيادة إلى أن تزول الشمس، ويقدر هذا بنحو خمس أو عشر دقائق، هذه هي الأوقات الثلاثة التي في حديث عقبة قال: (ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا عن الصلاة فيها، وأن ندفن فيها موتانا: حين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول، وحين تطلع الشمس حتى ترتفع قيد رمح، وحين تضيف للغروب) .
والأحاديث التي فيها كثيرة، تروى عن أكثر من عشرين صحابياً، وذكر في بلوغ المرام عدة منها، وفي عمدة الأحكام ذكر حديثاً أو حديثين ثم قال: ورواه فلان وفلان وفلان حتى عد أكثر من عشرة، والترمذي لما روى الحديث الذي في الباب قال: وفي الباب عن فلان وفلان وفلان حتى عد عشرين من الصحابة، كلهم رووا أحاديث النهي عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الفجر حتى تطلع الشمس، فتكون الأحاديث فيها متواترة، يقول ابن عباس رضي الله عنه: (حدثني رجال مرضيون، وأرضاهم عندي عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الفجر حتى تطلع) فهذان الوقتان هما الوقتان الموسعان إلا أنه إذا تهيأت الشمس للغروب دخل الوقت المضيق.
وإذا كانت الأحاديث بهذه الكثرة عرف بذلك تأكد النهي عنها.
الصلوات التي تجوز وقت النهي
يحرم ابتداء النفل في أوقات النهي، أما إذا كان يصلي فدخل وقت النهي فلا بأس، مثلاً كان يصلي الضحى وامتدت صلاته حتى استوت الشمس فإنه يكمل، والنوافل كلها لا تجوز في أوقات النهي إلا الفرائض إذا فاتت، فلو طلعت الشمس وهو يصلي الفجر فإنه يتمها، أو طلعت قبل أن يصلي فإنه يصلي ساعة ما يستيقظ لقوله صلى الله عليه وسلم: (وقت النائم إذا استيقظ، ووقت الناسي إذا ذكر) .
واختلف في ركعتي الطواف فـ عمر رضي الله عنه طاف بعد الفجر، ولم يصل ركعتي الطواف، ركب راحلته وصلاها بذي طوى بعدما طلعت الشمس، فكأنه كان يرى أنها لا تصح في وقت النهي، وكان ابن الزبير يطوف بعد العصر ثم يدخل بيته ولا يصليها عند المقام، وكثير من الصحابة كانوا لا يصلونها، وآخرون رأوا أنها من ذوات الأسباب التي يباح فعلها في هذه الأوقات.
وأما سنة الفجر إذا فاتت فهل يصليها بعد الفجر؟ في حديث قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم رآه يصلي ركعتين بعد الفجر فقال: (ما هذه الصلاة يا قيس؟ فقال: الركعتان قبل الفجر لم أدركهما، فسكت) وسكوته دليل على الإقرار، ولكن كأنه يكره مثل هذا.
واختلف في صلاة الجنازة في هذين الوقتين، والصحيح أنها جائزة؛ لأنه لا ركوع فيها ولا سجود، وبعض العلماء رأى أنه لا يصلى على الجنازة في أوقات النهي، فمثلاً الخرقي الذي شرحه الزركشي وشرحه ابن قدامة في المغني يقول: إذا جيء بالجنازة وقت العصر صلوا عليها قبل صلاة العصر، وكذلك إذا جيء بها وقت الفجر قدموا الصلاة عليها قبل صلاتهم للصبح، حتى لا يؤخرونها بعد الصلاة فتكون في وقت نهي، فكأن الخرقي فهم أنها لا تصلى في أوقات النهي، والأكثرون على أنها من ذوات الأسباب.
واختلف في تحية المسجد، فكثير من العلماء يقولون: لا تدخلوا المسجد في أوقات النهي؛ لأنكم إن صليتم خالفتم حديث أربعة وعشرين صحابياً روايتهم مرفوعة، وإن تركتموها خالفتم حديث أبي قتادة: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين) ، فكونكم تخالفون حديثاً أو أحاديث هذا عمل يخالف الشرع والأدلة.
وبعضهم يدخلون المسجد ولا يصلونها ويقولون: كوننا نخالف أربعة وعشرين حديثاً أشد من مخالفتنا حديثاً أو حديثين، فإن صلاة تحية المسجد ورد فيها حديثان أو ثلاثة، وبكل حال لكلٍ اجتهاده، والله أعلم.
لقد جاء الشرع المطهر بكل ما فيه رفق بالعباد وتخفيف عليهم، ومن ذلك أنه راعى حال المصلين، فأمر الأئمة بالتخفيف عليهم، وكذلك حال السفر وما فيه من الرخص، وحال المرض والمطر والخوف وغيرها، وهذا تيسير من الله سبحانه وتعالى وفضل، فهو يعلم حال العباد وضعفهم، فلم يكلفهم إلا بما يستطيعونه ويقدرون عليه.