أخلاقه ﷺ
15-03-2023
قال القاضي عياض رحمه الله: «إذا كانت خصال الكمال والجلال ورأينا الواحد منا يتشرف بواحدة منها أو اثنتين إن اتفقت له في كل عصر، إمَّا من نسب أو جمال أو قوة أو علم أو حلم أو شجاعة أو سماحة، حتىٰ يعظم قدره، ويضرب باسمه الأمثال، ويتقرر له بالوصف بذلك في القلوب أثَرَة وعظمة، وهو منذ عصور خوالٍ رِمَمٌ بَوَّالٍ([1])، فما ظنك بعظيم قدر من اجتمعت فيه كل هذه الخصال إلىٰ ما لا يأخذه عَدٌ ولا يُعَبِّر عنه مقال، ولا ينال بكسب ولا حيلة إلا بتخصيص الكبير المتعال، من فضيلة النبوة والرسالة والخلة والمحبة والاصطفاء»([2]).
كان ﷺ خُلُقُه القرآن، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان خُلُقُه القرآن([3]).
وقال جل وعلا عنه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القَلَم: 4].
وقال ﷺ: «بعثت لأتمم صالح الأخلاق»([4]).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله ﷺ أحسنهم خلقاً([5]).
وهذا عبد الله بن سلام رضي الله عنه يقول: لما قدم رسول الله ﷺ المدينة جئته لأنظر إليه، فلما استبنتُ وجهه عرفت بأن وجهه ليس بوجه كذاب([6]).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما خُيّر رسول الله ﷺ بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإذا كان إثماً كان أبعد الناس منه، وما انتقم لنفسه إلا أن تُنتهك محارمُ الله فينتقم لله بها([7]).
وقالت: ما ضرب رسول الله ﷺ بيده شيئاً قط، لا امرأة ولا خادماً، إلا أن يجاهد في سبيل الله، ولا نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك من محارم الله فينتقم منه([8]).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: خدمته ﷺ عشر سنين، فوالله ما قال لي أف قط، ولا قال لي فيما فعلته لم فعلت هذا؟ ولا لشيء لم أفعله ألا فعلت كذا([9]).
وعن أنس قال: كان رسول الله ﷺ أجود الناس وأشجع الناس([10]).
وهذا عبد الله بن عمر رضي الله عنه يقول: إن رسول الله ﷺ لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً، وأنه كان يقول: «خياركم أحسنكم أخلاقاً»([11]).
وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: كان رسول الله ﷺ أشد حياءً من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئاً عرفناه في وجهه([12]).
وعن أنس رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع النبي ﷺ وعليه بُرد غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذاً شديداً، حتىٰ نظرت إلىٰ صفحة عاتقه قد أثَّرت به حاشية البُرد، ثم قال: يا محمد، مُرْ لي من مال الله الذي عندك. قال: فالتفت إليه النبي ﷺ فضحك ثم أمر له بعطاء([13]).
وعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله ﷺ إذا صافحه الرجل لا ينزع يده من يده حتىٰ يكون الرجل ينزع، وإن استقبله بوجهه لا يصرفه عنه حتىٰ يكون الرجل ينصرف، ولم يُر مقدماً ركبته بين يدي جليس له([14]).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت رسول الله ﷺ مستجمعاً ضاحكاً حتىٰ أرىٰ منه لَهَوات إنما كان يتبسم([15]).
وقال سماك: قلت لجابر بن سمرة: أكنت تجالس النبي ﷺ؟ قال: نعم كثيراً، كان لا يقوم من مصلاه حتىٰ تطلع الشمس، وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويتبسم([16]).
وعن جابر رضي الله عنهما قال: لم يُسأل النبي ﷺ شيئاً قط فقال: لا([17]).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله ﷺ أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان([18]).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله ﷺ إذا كان في بيته يخصف نعله ويخيط ثوبه ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته([19]).
فهذه بعض أخلاقه صلوات الله وسلامه عليه.
([1]) «الآداب الشرعية» لابن مفلح (3/453).
([2]) أي لا أحد ينظر إليه قبل ذلك.
([3]) «الشفا بتعريف حقوق المصطفى» (1/56).
([4]) أخرجه أحمد (24601)، ومسلم بنحوه (746).
([6]) أخرجه البخاري (6203)، ومسلم (1337).
([8]) أخرجه البخاري (3560)، ومسلم (2327).
([10]) أخرجه البخاري (6038)، ومسلم (2309).
([11]) أخرجه البخاري (2820)، ومسلم (2307).
([12]) أخرجه البخاري (3559)، ومسلم (2321).
([13]) أخرجه البخاري (3562)، ومسلم (2320).
([14]) أخرجه البخاري (5809)، ومسلم (1057).
([16]) أخرجه البخاري (4828)، ومسلم (899).