شمائل الرسول ﷺ - اسماؤه
14-03-2023
محمد، أحمد، الماحي، الحاشر والعاقب، فعن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن لي أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يُحشر الناس علىٰ قدمي، والعاقب الذي ليس بعده أحد»([1]).
إن أسماء الله تبارك وتعالىٰ، وأسماء القرآن العظيم، وأسماء النبي الكريم؛ ليست أسماءً مجرّدة، بل كلها تدل علىٰ معانٍ، فمن أسماء الله جل وعلا: الله، الملك، القدوس، الجبار، العزيز، الرحمن وغيرها كثير. وهذه الأسماء مشتقة من صفات قائمة بالله تبارك وتعالىٰ توجب له المدح والكمال.
فاسمه الله وهو المألوه أي المعبود حباً وخوفاً ورجاءً، واسمه الملك وهو الملك. واسمه القدوس وهو القدوس المنزه عن كل نقص وعيب. وهو الجبار أي القوي سبحانه وتعالى. والعزيز الذي لا يعجزه شيء ولا يمتنع منه شيء ولا يغلبه شيء. وهو الرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء.
والقرآن الكريم كذلك اسمه النور، المبين، الشفاء، الكتاب، والفرقان وغير ذلك وكلها أسماء تدل علىٰ معاني هذا الكتاب.
وكذلك الرسول ﷺ اسمه محمد وأحمد والماحي والحاشر والعاقب، وكل هذه الأسماء تدل علىٰ معانٍ.
ومن هذا يتبين لنا أمر ألا وهو: أن ما جاء في بعض الكتب أو عن بعض الناس أنه ذكر أن من أسماء النبي ﷺ طه وياسين ليس بصحيح، وذلك أن طه ويس ــ علىٰ الصحيح ــ من الحروف التي بدأت بها بعض السور كقوله تعالىٰ في بعض السور: ﴿نٓ﴾ ، و﴿قٓ﴾ ، و﴿صٓ﴾ ، و﴿كٓهيعٓصٓ﴾ ، و﴿الٓمٓ﴾ ، وكذلك الأمر بالنسبة: لـ ﴿يسٓ﴾ و﴿طه﴾ .
ولذلك تكتب (طه) بحرفين فقط، ولو كانت اسماً لكتبت «طاها» كما كتبت «نون» في قوله تعالىٰ: ﴿ وَذَا ٱلنُّونِ﴾ أي الحوت وهي غير ﴿نٓ﴾ في أول سورة القلم، ولذلك ذكر بعدها القرآن الكريم ﴿طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لِتَشْقَى﴾ [طه: 1 ــ 2]، فهذه الأحرف علىٰ الصحيح من أقوال أهل العلم: ليس لها معنىٰ في ذاتها وإنما لها دلالة، وهي أن هذا القرآن الكريم مُكَوَّن من هذه الأحرف التي يتكلمون بها، وأن الله يتحداهم بأن يأتوا بقرءان مكون من هذه الأحرف.
وكذلك الأمر بالنسبة لـ﴿يسٓ﴾ ، لما جاء قول الله تبارك وتعالىٰ: ﴿وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ ٱلْخَالِقِينَ ٱللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ ٱلْأَوَّلِينَ فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ إِلَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ﴾ [الصافات: 123-130]، وكُتبت ياسين وهي تختلف عن التي كُتبت في بداية سورة ﴿يسٓ﴾ ، ولذلك قال: ﴿يسٓ وَٱلْقُرْآنِ ٱلْحَكِيمِ﴾ [يس: 1 ــ 2] فَنَوَّه بذكر القرآن الكريم.
ومما يزيد هذا كله دلالة ألا وهو أن ﴿طه﴾ ليس لها معنىٰ ولا وصفاً ولا مدحاً للنبي ﷺ، ولكن أكثر ما قيل في معنى: ُ﴿طه﴾ أي الرجل، أو ﴿طه﴾ طأ الأرض، وهذا ليس مدحاً للنبي ﷺ، وكذلك ﴿يسٓ﴾ ليس مدحاً.
([1]) أخرجه البخاري (1195)، ومسلم (1390)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.