كانت توسعة المسجد في زمن الوليد بن عبد الملك، فدخل قبر النبي ﷺ في المسجد كما هو الحال الآن.

فهنا ننبه علىٰ هذه المسألة ألا وهي حكم وجود القبر في المسجد: لابد لنا أن نعلم أنه لا يجوز أن يُبنىٰ مسجد علىٰ قبر، ولا يجوز أن يدفن ميت في مسجد، فإذا بني المسجد علىٰ القبر فإن المسجد لم يُبن علىٰ التقوىٰ، فيجب أن يهدم المسجد، وإذا دفن ميت في مسجد فإنه لا يجوز، ويجب أن ينبش القبر ويخرج الميت من المسجد.

وأما قبر النبي ﷺ فإنه ﷺ ما بنىٰ مسجده علىٰ قبره، بل مسجده قائم قبل أن يموت ﷺ، كيف وهو الذي بناه.

ثم كذلك ما دفن النبي ﷺ في المسجد، وإنما دفن في بيت عائشة رضي الله عنها، وجاء في الحديث المشهور عن النبي ﷺ قال: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة»([1]) ويرويه بعضهم بلفظ: «بين قبري ومنبري» وهذه الرواية غير صحيحة، وإنما رواها البعض بالمعنىٰ.

فلا يقولن قائل: يجب أن يهدم المسجد أو يجب أن ينبش قبر النبي ﷺ، فهذا من الضلال العظيم. والذي وقع أن المسجد وسّع فدخل القبر في المسجد. وما حدث الآن من عزل القبر وجعله في جانب من المسجد هو عين الصواب، حيث صار القبر الآن في جانب من جوانب المسجد وليس في داخله كما كان الأمر سابقاً.

ونسأل الله جل وعلا أن يجمع بيننا وبين نبيه ﷺ في مستقر رحمته، وأن يحجبنا ببركة متابعته عن النار، وأن يغفر لنا ولأمته أجمعين، آمين آمين آمين وصلىٰ الله وسلم وبارك علىٰ نبينا محمد عدد ما ذكره الذاكرون، وما غفل عنه الغافلون، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

([1])             أخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» (7/267).