وأظلمت المدينة
14-03-2023
قال أنس: ما رأيت يوماً قط كان أحسن ولا أضوَء من يوم دخل علينا رسول الله ﷺ، وما رأيت يوماً كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه ﷺ، وما نفضنا عن رسول الله الأيدي حتىٰ أنكرنا قلوبنا([1]).
قال ابن كثير:وإسناده علىٰ شرط الصحيحين»([2]).
ولما مات النبي ﷺ قالت فاطمة رضي الله عنها:
يا أبتاه، أجاب رباً دعاه
يا أبتاه، في جنة الفردوس مأواه
يا أبتاه، إلىٰ جبريل ننعاه([3])
وهذا ليس من النياحة المنهي عنها بل النعي المباح.
أما النياحة التي يكون فيها رفع الصوت، وتقطيع الثياب، وشد الشعر؛ فهذه هي المحرمة، كما قال النبي ﷺ: «أنا بريء من الحالقة([4]) والصالقة([5]) والشاقة([6])»([7]).
فلما دُفـِن ﷺ قالت فاطمة رضي الله عنه: يا أنس أطابت نفوسكم أن تحثُوا علىٰ رسول الله ﷺ التراب؟!([8])
تريد أن دفن النبي ﷺ وحثوَ التراب عليه خلاف ما عرفته منهم من رقة قلوبهم عليه وشدة محبتهم له، وسكت أنس رضي الله عنه ولم يجبها رعاية لها ولسان حاله يقول: لم تطب أنفسنا، إلا أنّا فعلناه امتثالاً لأمره.
([2]) أخرجه بنحوه الترمذي (3618)، وابن ماجه (1631).
([3]) «السيرة النبوية» (4/544).
([7]) التي تشق ثيابها علىٰ من مات.
([8]) أخرجه البخاري (1296)، ومسلم (104)، من حديث أبي موسى رضي الله عنه.