غسله ودفنه ﷺ
14-03-2023
وفي يوم الثلاثاء غسَّلوا الرسول ﷺ من غير أن يجردوه من ثيابه وتولىٰ غسل النبي ﷺ: العباس، وعلي، وقثم، والفضل بن العباس، وشقران مولىٰ رسول الله ﷺ، وأسامة بن زيد، وأوس بن خوْلي.
فكان العباس والفضل وقثم يقلبون النبي ﷺ، وأسامة وشقران يصبان الماء، وعلي يغسله، وأوس أسنده إلىٰ صدره ﷺ.
ثم كفنوه بثلاثة أثواب بيض من قطن ليس فيها قميص ولا عمامة، وأدرجوه فيها إدراجاً([1]).
واختلفوا في دفنه ﷺ، فقال أبو بكر: إني سمعت رسول الله ﷺ يقول: «ما قُبض نبي إلا دُفن حيث يُقبض»([2]).
فرفع طلحة فراشه الذي توفي عليه ﷺ، فحفر تحته وجعل القبر لحداً.
قالت عائشة رضي الله عنها: رأيت([3]) ثلاثة أقمار وقعن في حِجري، فسألت والدها أبا بكر فقال: إن صدقت رؤياك دُفن في بيتك من خير أهل الأرض ثلاثة([4]).
وقد دُفِن خير أهل الأرض وهو رسول الله ﷺ، ثم أبو بكر ثم عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
ودخل الناس الحجرة أرسالاً ليسوا جميعاً بل متفرقين؛ لصغر الحجرة يصلون علىٰ النبي ﷺ لا يؤمهم أحد، وصلىٰ عليه أولاً أهل عشيرته، ثم المهاجرون، ثم الأنصار، وصلت عليه النساء بعد الرجال، ثم صلىٰ عليه الصبيان.
ولم يُصَلَّ عليه جماعة، قيل لأمرين اثنين:
الأول: ليباشر كل واحد منهم الصلاة عليه ﷺ.
الثاني: تتكرر الصلاة عليه من كل فرد ليُصلىٰ عليه صلوات كثيرة ﷺ.
واستمرت الصلاة عليه يوم الاثنين والثلاثاء حتىٰ دخلت ليلة الأربعاء، قالت عائشة: ما علمنا بدفن الرسول ﷺ حتىٰ سمعنا صوت المساحي في جوف الليل من ليلة الأربعاء التي دفن بها ﷺ.
قال ابن مسعود: لئن أحلف تسعاً أن رسول الله ﷺ قُتِل قَتلاً أحب إليّ من أن أحلف واحدة إنه لم يُقتل، وذلك أن الله اتخذه نبياً وجعله شهيداً([5]) كما قال تعالىٰ: ﴿ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ﴾ .
([1]) «البداية والنهاية» (8/71).
([2]) الإدراج: أن توضع الثياب علىٰ الأرض بعضها فوق بعض ويوضع الميت فوقها ثم يوضع طرف الثوب الأول علىٰ الميت ثم طرفه الثاني ثم طرف الثوب الثالث وهكذا حتىٰ يلف الميت بها كلها.