وقبل وفاة النبي ﷺ بيومين وقعت حادثة، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ثقُل برسول الله ﷺ وجعه، فقال: «أصلىٰ الناس؟». قلنا: لا. هم ينتظرونك يا رسول الله. فقال: «ضعوا ماءً في المِخْضَب»، ففعلنا. قالت: فاغتسل، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه، ثم أفاق وقال: «أصلىٰ الناس؟». قلنا: لا. هم ينتظرونك يا رسول الله. قال: «ضعوا لي ماءً في المِخْضَب». ففعلنا فاغتسل، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه، ثم أفاق فقال: «أصلىٰ الناس؟». قلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله. فقال: «ضعوا لي ماءً في المِخْضَب». ففعلنا. قالت: فاغتسل، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه، ثم أفاق وقال: «أصلىٰ الناس؟». قلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله. قالت: والناس عكوف في المسجد ينتظرون رسول الله ﷺ لصلاة العشاء.

فأرسل رسول الله ﷺ إلىٰ أبي بكر ليصلي بالناس، فكان أبو بكر رجلاً رقيقاً. فصلىٰ بهم أبو بكر تلك الأيام([1]).

وفي مرضه ﷺ أنفق ما بقي عنده من مال، كما روىٰ ذلك المطلب بن عبد الله بن حنطب قال: إن رسول الله ﷺ قال لعائشة وهي مسندته إلىٰ صدرها: «يا عائشة ما فعلت تلك الذهب؟»([2]). قالت: هي عندي. قال: «فأنفقيها». ثم غُشي عليه وهو علىٰ صدرها. فلما أفاق قال: «آنفقت تلك الذهب يا عائشة؟». قالت: لا والله يا رسول الله.

قالت: فدعا بها فوضعها في كفي فعدّها فإذا هي ستة دنانير من الذهب، فقال: «ما ظن محمد بالله عز وجل لو لقيه وهذه عنده، أنفقيها»([3])، فأنفقها كلها، ومات في ذلك اليوم ﷺ.

 

([1])             أخرجه البخاري (664)، ومسلم (420).

([2])            أخرجه البخاري (687)، ومسلم (418).

([3])            عنده شيء من الذهب.