لما انصرف النبي ﷺ من الجعرانة، بعث بعوثاً وهيّأ بعثاً استعمل عليه قيس بن سعد بن عبادة، وعقد له لواءً أبيض، ودفع إليه راية سوداء، وعسكر معه أربعمئة من المسلمين، وأمره النبي ﷺ أن يطأ ناحية من اليمن كان فيها صُداء([1])، فقدم علىٰ رسول الله ﷺ رجلٌ منهم يقال له: زياد بن الحارث. وقد علم أن الجيش سيغزو قومه. فقال لرسول الله ﷺ: يا رسول الله، جئتك وافداً علىٰ من ورائي، فاردد الجيش وأنا لك بقومي. فردّ الرسول ﷺ قيس بن سعد، وخرج الصدائي إلىٰ قومه، فقدم علىٰ رسول الله ﷺ خمسة عشر رجلاً منهم. فقال سعد بن عبادة: يا رسول الله، دعهم ينـزلوا عليّ.

فنـزلوا عليه، فحيّاهم، وأكرمهم وكساهم، ثم راح بهم إلىٰ رسول الله ﷺ فبايعوه علىٰ الإسلام. فقالوا: نحن لك علىٰ من وراءنا من قومنا. فرجعوا إلىٰ قومهم، ففشا فيهم الإسلام. فوافىٰ الرسول ﷺ منهم مئة رجل في حجة الوداع.

وهناك وفود أخرىٰ وفدت علىٰ الرسول ﷺ، وفيما ذكرناه في هذه الوفود كفاية.

 

([1])             أخرجه البخاري (46)، ومسلم (11).