عن ابن عباس قال: بعثت بنو سعد بن بكر ضمامَ بن ثعلبة وافداً إلىٰ رسول الله ﷺ فقدم عليه، فأناخ بعيره علىٰ باب المسجد فعقله([1])، ثم دخل علىٰ رسول الله ﷺ وهو في المسجد بين أصحابه، فقال: أيّكم ابن عبد المطلب؟ وهذا من جفاء الأعراب، قال رسول الله ﷺ: «أنا ابن       عبد المطلب». فقال: محمد؟ قال: «نعم». فقال: يا ابن عبد المطلب، إني سائلك ومغلظ عليك في المسألة فلا تجدنّ في نفسك. قال ﷺ: «لا أجد في نفسي، فسل عن ما بدا لك».

فقال: أنشدك الله إلهك، وإله أهلك، وإله من كان قبلك، وإله من هو كائن بعدك، آلله بعثك إلينا رسولاً؟ قال: «اللَّهم نعم».

فقال: أنشدك الله إلهك، وإله أهلك، وإله من كان قبلك، وإله من هو كائن بعدك، آلله أمرك أن نعبده ولا نشرك به شيئاً؟ وأن نخلع هذه الأنداد التي كان آباؤنا يعبدون؟ قال ﷺ: «اللَّهم نعم».

ثم جعل يذكر فرائض الإسلام فريضةً فريضة الصلاة والزكاة والحج والصيام يسأله عنها بهذه الطريقة. ثم قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وسأؤدي هذه الفرائض، وأجتنب ما نهيتني عنه، ولا أزيد ولا أنقص، ثم انصرف إلىٰ بعيره، فقال ﷺ: «إن يصدق ذو العقيصتين يدخل الجنة»([2]).

وفي رواية أنَّ هذا الرجل قال: والله لا أزيد عليها ولا أنقص. فقال ﷺ: «أفلح والله إن صدق»([3]).

ثم قدم ضِمام علىٰ قومه فاجتمعوا إليه، فكان أول ما قال: بئست اللات والعزىٰ. فقالوا: مه يا ضمام، اتق البرص والجنون والجذام.

قال: ويلكم إنهما لا يضران ولا ينفعان، إن الله قد بعث رسولاً وأنزل عليه كتاباً استنقذكم به مما كنتم فيه وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وإني قد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه.

فوالله ما أمسىٰ من ذلك اليوم في حاضرته رجل ولا امرأة إلا مسلماً.

وهذه من بركات بعض الناس علىٰ أقوامهم، أنهم يسلمون بفضل دعائهم لهم، أو محبة القوم لهم، أو نصيحتهم لهم، أو غير ذلك من الأسباب.

 

([1])             أخرجه البخاري (4380) واللفظ له، ومسلم (2419).

([2])            أي ربطه.

([3])            أخرجه أحمد (2254).