ولما رجع رسول الله ﷺ إلىٰ الطائف جاءه عروة بن مسعود فاتبعه وأسلم، وعروة هذا هو الذي جاء إلى النبي ﷺ وتكلم معه قبيل صلح الحديبية، والذي قال بعد أن رجع إلىٰ أهل مكة: دخلت علىٰ ملوك فارس والروم ودخلت علىٰ النجاشي في ملكه وغيرهم، فما وجدت أحداً يعظّم أحداً كما يعظّم أصحاب محمدٍ محمداً ﷺ.

قال ابن إسحاق: «لما انصرف رسول الله ﷺ من الطائف اتبع أثره عروة ابن مسعود حتىٰ أدركه قبل أن يدخل المدينة فأسلم، وسأله أن يرجع إلىٰ قومه بالإسلام. فقال رسول الله ﷺ: «وما يتحدث قومك إنهم قاتلوك»، وعرف رسول الله ﷺ أن فيهم نخوة الامتناع، فقال عروة: يا رسول الله، أنا أحب إليهم من أبكارهم، وكان فيهم كذلك محبباً مطاعاً.

فخرج يدعُو قومه إلىٰ الإسلام، رجاء أن لا يخالفوه وذلك لمنزلته فيهم، فلما أشرف لهم علىٰ عليّة له([1])، وقد دعاهم إلىٰ الإسلام وقد أظهر لهم دينه، رموْه بالنبل من كل وجه. فأصابه سهم فقتله.

فقيل لعروة: ما ترىٰ في دمك؟ قال: كرامة أكرمني الله بها، وشهادة ساقها الله لي، فليس فيّ إلا ما في الشهداء الذين قتلوا مع رسول الله ﷺ قبل أن يرتحل عنكم، فادفنوني معهم، فدفنوه معهم([2]).

 

([1])             أي مكان مرتفع.

([2])            أخرجه ابن سعد (1/312)