يوم الخندمة
14-03-2023
وخرجت مجموعة تريد الدفاع منهم عكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، وحمّاس بن قيس ومعهم آخرون واجتمعوا في مكان يقال له: الخَنْدَمَة.
وحمّاس بن قيس كان يجهز سلاحاً له فقالت له امرأته: لماذا تعد هذا السلاح؟ قال: لمحمد وأصحابه. قالت: والله ما يقوم لمحمد وأصحابه شيء. قال: إني والله لأرجو أن أُخْدِمَك بعضهم([1]).
ثم قال:
إن يقبلوا اليوم فما لي علة
هذا سلاح كامل وألَّة
وذو غرارين سريع السلة([2])
دخل رسول الله ﷺ وكان قد جعل خالد بن الوليد علىٰ المجنبة اليمنىٰ، ومعه أسلم وسليم وغِفار ومزينة وجهينة وقبائل من قبائل العرب. فأمره أن يدخل مكة من أسفلها، وقال: «إن عرض لكم أحد من قريش فاحصدوهم حصداً حتىٰ توافوني علىٰ الصفا». وكان الزبير علىٰ المجنبة اليسرىٰ وكانت معه راية رسول الله ﷺ. وكان شعار المسلمين علىٰ ثلاث؛ أما المهاجرون فكان شعارهم يا بني عبد الرحمن، وأما الأوس فكان شعارهم يا بني عبيد الله، وأما الخزرج فكان شعارهم يا بني عبد الله.
دخل الجيش وما واجهوا أي صعوبة للدخول إلىٰ مكة، أما خالد وأصحابه فلم يلقهم أحد من المشركين إلا أناموه، وممن قتل مع خالد كرز بن جابر، وخنيس بن خالد، كانا شذا عن الجيش، ولقي خالد أهل الخندمة عكرمة وصفوان وسهيل وحمّاس وغيرهم فناوشوهم شيئاً من القتال، فأصابوا من المشركين اثني عشر رجلاً وانهزم البقية كما انهزم حمّاس بن قيس، فدخل علىٰ امرأته وقال: أغلقي الباب. فقالت: أين ما كنت تقول:
إن يقبلوا اليوم فما لي علة
هذا سلاح كامل وألَّة
وذو غرارين سريع السلة
فقال:
إنك لو شهدت يوم الخندمة
إذ فرّ صفوان وفرّ عكرمة
واستقبلتنا بالسيوف المسلمة
يقطعن كل ساعد وجمجمة
ضرباً فلا يسمع إلا غمغمة
لَهُم نَـهِيتٌ خلفنا وهمهمة
لم تنطقي باللوم أدنىٰ كلمة
فأقبل خالد حتىٰ وصل الصفا إلىٰ رسول الله ﷺ، وأما الزبير فتقدم حتىٰ نصب راية رسول الله ﷺ عند المسجد.