إسلام عمرو بن العاص رضي الله عنه
13-03-2023
قال عمرو بن العاص: لما انصرفنا من الخندق؛ جمعت رجالاً من قريش، وقلت: والله إن أمر محمد يعلو علواً منكراً والله ما يقوم له شيء، وقد رأيت رأياً. قالوا: وما هو؟ قال: أن نلحق بالنجاشي علىٰ حاميتنا، فإن ظفر قومنا فنحن من قد عرفوا نرجع إليهم، وإن يظهر محمد فنكون تحت يدي النجاشي أحب إلينا من أن نكون تحت يدي محمد. قالوا: أصبت. قلت: فابتاعوا له الهدايا، وكان من أعجب ما يُهدىٰ إليه من أرضنا الأدم([1]).
فجمعنا له أدماً كثيراً، وقدمنا عليه، فوافقنا عنده عمرو بن أمية الضمري قد بعثه النبي ﷺ في أمر جعفر وأصحابه الذين كانوا في الحبشة، فلما رأيته قلت: لعلّي أقتله، وأدخلت الهدايا علىٰ النجاشي. فقال النجاشي: مرحباً وأهلاً بصديقي. فقال عمرو: أيها الملك، إني رأيت رسول محمد عندك، وهو رجل قد وترنا، وقتل أشرافنا، فأعطِنيه أضرب عنقه.
فغضب النجاشي، وضرب أنفه ضربةً، ظننت أنه قد كسره، فلو انشقت لي الأرض لدخلت فيها.
فقلت للنجاشي: لو ظننت أنك تكره هذا لم أسألك. فقال لي: سألتني أن أعطيَك رسول رجلٍ يأتيه الناموس([2]) الذي كان يأتي موسىٰ الأكبر، تقتله؟! قلت: وإنّ ذاك لكذلك؟ قال: نعم، هو كذلك.
ثم قال النجاشي لعمرو بن العاص: والله، إني لك ناصحٌ فاتبعه، والله ليظهرنّ كما ظهر موسىٰ وجنوده. قلت: أيها الملك، فبايعني أنت له علىٰ الإسلام. فقال: نعم، فبسط يده، فبايعته لرسول الله ﷺ علىٰ الإسلام. وخرجت علىٰ أصحابي، وقد حال رأيي([3]). فقالوا: ما وراءك؟ قلت: خير.
فلما أمسيت جلست علىٰ راحلتي وانطلقت وتركتهم، فوالله إني لأهوي إذ لقيت خالد بن الوليد بالهدة هو وعثمان بن طلحة، فقلت: إلىٰ أين يا أبا سليمان؟ قال: أذهب والله أُسلِم، إنه والله قد استقام المَيْسَم([4])، إن الرجل لنبي ما أشك فيه. فقلت: وأنا والله.
فقدمنا المدينة، فقلت: يا رسول الله أبايعك علىٰ أن يُغفر لي ما تقدم من ذنبي. فقال لي: «يا عمرو، بايع فإن الإسلام يَجُبُّ ما كان قبله»([5]).