عودة المهاجرين من الحبشة
13-03-2023
وفي هذه الغزوة قدم علىٰ رسول الله ﷺ ابن عمه جعفر بن أبي طالب وزوجته أسماء بنت عميس وأصحابه، ومعهم الأشعريون عبد الله بن قيس أبو موسىٰ وأصحابه.
قال أبو موسىٰ: بلغنا مخرج النبي ﷺ([1]) ونحن باليمن، فخرجنا مهاجرين أنا وإخوان لي وأنا أصغرهما، أحدهما أبو رهم والآخر أبو بردىٰ؛ في بضع وخمسين رجلاً من قومي، فركبنا سفينة وألقتنا سفينتنا إلىٰ النجاشي بالحبشة، فوافقنا جعفر بن أبي طالب وأصحابه عنده، فقال جعفر: إن رسول الله ﷺ بعثنا وأمرنا بالإقامة فأقيموا معنا. فأقمنا معه حتىٰ قدمنا جميعاً فوافقنا رسول الله ﷺ حين افتتح خيبر، فأسهم لنا([2])، وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر شيئاً إلا أصحاب سفينتنا، وكان ناس يقولون لنا: سبقناكم بالهجرة.
قال: ودخلت أسماء بنت عميس رضي الله عنها علىٰ حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها، فدخل عليها عمر فقال: من هذه يا حفصة؟ قالت: هذه أسماء. فقال عمر: سبقناكم بالهجرة، نحن أحق برسول الله ﷺ منكم. فغضبت وقالت: يا عمر، كلا والله لقد كنتم مع رسول الله ﷺ يُطعم جائعكم ويعظ جاهلكم، وكنا في أرض البعداء البغضاء، وذلك في الله وفي رسوله، وأيم الله لا أطعم طعاماً ولا أشرب شراباً حتىٰ أذكر ما قلت لرسول الله ﷺ، قالت: وكنا نؤذىٰ ونخاف، سأذكر ذلك لرسول الله ﷺ، والله لا أكذب ولا أزيد علىٰ ذلك.
فلما جاء النبي ﷺ قالت: يا رسول الله، إن عمر قال كذا وكذا. قال: «ما قلت له؟». قالت: قلت له كذا وكذا. فقال ﷺ: «ليس بأحق بي منكم، وله ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان».
وكان أبو موسىٰ وأصحاب السفينة يأتون أرسالاً([3]) يسألون عن هذا الحديث ما من الدنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم رسول الله ﷺ([4]).
ولما قدم جعفر ابن أبي طالب علىٰ الرسول ﷺ تلقاه وقبّل جبهته، وقال: «والله ما أدري بأيهما أفرح، بفتح خيبر أم بقدوم جعفر»([5]).
([4]) أخرجه البخاري (4230، 4231) ومسلم (2502، 2503).
([5]) أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (32206)، والبزار في «المسند» (1328).