وفي هذه الغزوة سُمّ النبيُّ ﷺ؛ وذلك أنه أهدت له زينب بنت الحارث اليهودية ــ وهي امرأة سلّام بن مشكم ــ شاةً مشوية قد سمّتها، وسألت أي اللحم أحب إلىٰ رسول الله ﷺ؟ قالوا: الذراع. فأكثرت من السم في الذراع.

فلما انتهش النبي ﷺ أخبره الذراع بأنه مسموم([1]) فلفظ الأكلة، ثم قال: «اجمعوا لي مَنْ من اليهود»، فجُمِعوا له فقال لهم: «إني سائلكم عن شيء، فهل أنتم صادقي فيه؟». قالوا: نعم يا أبا القاسم. فقال لهم رسول الله ﷺ: «من أبوكم؟». قالوا: أبونا فلان. قال: «كذبتم، أبوكم فلان». قالوا: صدقت. قال: «هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه؟». قالوا: نعم يا أبا القاسم، وإن كذبناك عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا. فقال ﷺ: «من أهل النار؟». قالوا: نكون فيها يسيراً ثم تخلفوننا فيها. فقال ﷺ: «اخسؤوا فيها، فوالله لا نخلفكم فيها أبداً»([2]).

ثم قال: «هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه؟». قالوا: نعم. قال: «أجعلتم في هذه الشاة سمّا؟». قالوا: نعم. قال: «فما حملكم علىٰ ذلك؟». قالوا: أردنا إن كنت كاذباً نستريح منك، وإن كنت نبياً لن يضرك([3]).

وجيء بالمرأة إلىٰ رسول الله ﷺ وقالت: أردت قتلك. فقال رسول الله ﷺ: «ما كان الله ليسلّطك عليَّ». قالوا: ألا نقتلها؟ قال: «لا»([4]).

ولم يتعرّض لها رسول الله ﷺ، وفي بعض الروايات أن النبي ﷺ قتلها؛ وذلك أنه قد أكل مع النبي ﷺ بشر بن البراء فمات من السم.

وجاء في «الصحيح» أن النبي ﷺ قال في مرض موته: «ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان انقطاع أبهري([5]) من ذلك السم»([6]).

قال الزهري: فتوفي رسول الله ﷺ شهيداً.

 

([1])             وهذه آية من الله تبارك وتعالىٰ.

([2])            وهو كما قال الله تبارك وتعالىٰ: ﴿ وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً﴾ [البقرة: 80]].

([3])            أخرجه البخاري (5777).

([4])            أخرجه مسلم (2190)، من حديث أنس رضي الله عنه.

([5])            أي عرقي.

([6])            أخرجه البخاري (4428).