حادثة الإفك
13-03-2023
الإفك عظيمُ الكذب والافتراء، قال الإمام الزهري رحمه الله: حدثني عروة أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي ﷺ قالت: كان رسول الله ﷺ إذا أراد أن يخرج أقرع بين أزواجه، فأيتهنّ خرج سهمها خرج بها رسول الله ﷺ معه، قالت: فأقرع بيننا في غزوة غزاها، فخرج سهمي فخرجت مع رسول الله ﷺ([1]) وذلك بعدما نزل الحجاب، فأنا أُحمل في هودجي وأنزل فيه([2])، فسرنا حتىٰ إذا فرغ الرسول ﷺ من غزوته تلك وقفل ودنونا من المدينة قافلين آذن ليلة بالرحيل([3])، فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتىٰ جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني([4]) أقبلت علىٰ راحلتي، فإذا عقد لي من جزع أظفار قد انقطع([5])، فالتمست عقدي وحبسني ابتغاؤه وأقبل الرهط الذين كانوا يرحّلون لي راحلتي فاحتملوا هودجي فرحلوه علىٰ البعير الذي كنت ركبت وهم يحسبون أني فيه، وكان النساء إذ ذاك خفافاً لم يثقلهنّ اللحم، وإنما يأكلن العُلَقة من الطعام، فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وكنت جارية حديثة السن([6])، فبعثوا الجمل وساروا، فوجدت عقدي بعدما استمر الجيش، فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب.
فلتحاول كل امرأة أن تضع نفسها أو ابنتها مكان عائشة رضي الله عنها، فتاة صغيرة في ليل مظلم وحدها، في مكان مقفر، والناس كلهم قد ذهبوا.
تقول عائشة رضي الله عنها: فأممت منزلي الذي كنت به، وظننت أنهم سيفقدوني ويرجعون إليَّ.
وهذا من فطنتها وذكائها رضي الله عنها، ولو كان غيرها من النساء لصاحت وصارت تركض يميناً ويساراً، شرقاً وغرباً، تبحث عن أهلها ولكن عائشة رضي الله عنها لكمال عقلها جلست في مكانها؛ لأنها علمت أنها لو خرجت خلفهم ستضيع.
تقول: فبينا أنا جالسة في منزل غلبتني عيني فنمت.
وهذا يدل علىٰ أمرين اثنين:
الأول: شجاعة عائشة رضي الله عنها.
الثاني: رعاية الله لها، وذلك أن الله تبارك وتعالىٰ ألقىٰ عليها النوم حتىٰ لا تفكر في القوم، وفيما سيأتي إليها من حيوانات أو أناس أو غير ذلك.
قالت: وكان صفوان بن المعطّل السُلمي ثم الذكواني من وراء الجيش فأدلج([7])، فأصبح عند منـزلي.
والغريب في هذا الرجل رضي الله عنه أنه كان هو وقبيلته كلهم معروفين بكثرة النوم، حتىٰ إنه جاء في حديث أن زوجته جاءت تشتكيه إلىٰ النبي ﷺ وتقول: يا رسول الله، إن صفوان لا يصلي الفجر، فناداه النبي ﷺ وسأله؟ قال: يا رسول الله، إنا أهل بيت قد عُرف لنا ذلك، لا نكاد نستيقظ حتىٰ تطلع الشمس([8]).
فالقصد أن صفوان بن المعطّل كان متأخراً عن الجيش ولعله بسبب النوم، وسار علىٰ طريقهم فوجد عائشة رضي الله عنها نائمة في مكانها.
تقول عائشة: فرأىٰ سواد إنسان نائم من بعيد، فأتاني فعرفني حين رآني. لأنها لما كانت نائمة كان وجهها مكشوفاً.
تقول: وكان يراني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه([9]) حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي، والله ما كلمني كلمة، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، حتىٰ أناخ راحلته، فوطأ علىٰ يديها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة، حتىٰ أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة، فوصلنا إليهم فهلك من هلك.
تقصد أن الناس تكلموا في عرضها لما رأوها قادمة مع صفوان لوحدها، فتكلم فيها من تكلم من المنافقين، حتىٰ إنه نقل فيما نقل من كلامهم كلام عبد الله بن أُبي بن سلول أنه قال: والله ما جاءا إلا بعد أن فجر بها وفجرت به. والعياذ بالله فلعنة الله عليه.
قالت: فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمت شهراً، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك ولا أشعر بشيء من ذلك، وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله ﷺ اللطف الذي كنت أراه منه حين أشتكي! إنما يدخل علي رسول الله ﷺ فيسلم ويقول: «كيف تيكم؟([10])»، ثمّ ينصرف، فذاك الذي يريبني ولا أشعر بالشر.
وذلك أن النبي ﷺ كان إذا مرضت عائشة يلاطفها ويسليها كما في الحديث المشهور لما قالت عائشة رضي الله عنها: وارأساه. فقال النبي ﷺ: «بل أنا وارأساه، وما ضرك يا عائشة لو مِتِّ لغسلتك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك»([11]). وهي أحب الناس إلىٰ رسول الله ﷺ كما سأله عمرو بن العاص: من أحب الناس إليك؟ قال: «عائشة». قال: ومن الرجال؟ قال: «أبوها»([12]).
قالت عائشة([13]): حتىٰ خَرجتُ بعدما نَقَهْتُ([14])، معي أم مِسْطح قبل المناصع([15])، وهو متبرزنا، وكنا لا نخرج إلا ليلاً وذلك قبل أن تُتخذ الكُنُف([16]) قريباً من بيوتنا، وأمرنا أمر العرب الأول بالتبـرز قِبَل الغائط، فكنا نتأذىٰ بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا، فانطلقت أنا وأم مسطح ــ وهي ابنة أبي رُهم بن عبد مناف وأمها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق ــ فأقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي، وقد فرغنا من شأننا، فَعَثَرت أم مسطح في مِرطها([17]) فقالت: تَعِسَ مسطح.
فقلت لها: بئس ما قلت أتسبين رجلاً شهد بدراً؟! قالت: أي هنتاه([18]) أولم تسمعي ما قال؟ قالت عائشة: وما قال؟ قالت عائشة: فأخبرتني بقول أهل الإفك، فازددت مرضاً علىٰ مرضي.
لك أخيتي أن تتصوري نفسك وقد اتهمتِ في عرضك كيف تكون حياتك؟ وكيف تنعمين؟ وأعز ما عند المرأة عرضها، قد تتهم بكذب أو بسرقة أو بغيبة أو بربا أو بتبرج، لكن أن يصل الأمر إلىٰ العرض؛ فهذا أخطر شيء تصاب به المرأة.
قالت: فلما رجعتُ إلىٰ بيتي ودخل عليّ رسول الله ﷺ سلّم ثم قال: «كيف تيكم؟». أي لم يتغير من قبل الرسول ﷺ شيء، ولكن الذي تغير أن عائشة علمت السبب، الآن عَرَفت لماذا تغير حال الرسول ﷺ معها.
فقلت: أتأذن لي أن آتي أَبَويَّ؟ قال ﷺ: «نعم». قالت عائشة: وأنا حينئذ أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما، فجئت أبويَّ، فقلت لأمي: يا أمتاه([19]) ما يتحدث الناس؟ فقالت: يا بنية هَوِّنِي عليك، فوالله لقل ما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها، فقلت: سبحان الله! أَوَ قد تحدث الناس بهذا؟! فبكيت تلك الليلة حتىٰ أصبحت لا يرقأ لي دمع([20])، ولا أكتحل بنوم، حتىٰ أصبحت أبكي. ثم دعا رسول الله ﷺ علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد رضي الله عنهما حين استلبث الوحي، يستأمرهما في فراق أهله، وهذه الفترة يذكر أنها استمرت أكثر من شهر والناس يتكلمون في عائشة ويخوضون فيها والوحي منقطع، والرسول ﷺ لا يدري حقيقة الأمر.
وهذا يبين أن النبي ﷺ لا يعلم الغيب، أما علي رضي الله عنه فهو زوج ابنته وابن عمه وأقرب الناس إليه من حيث النسب، وأما أسامة فهو قد تربىٰ في بيت النبي ﷺ، وهو حِبُّ رسول الله ﷺ، وابن حبه؛ فلذلك استشارهما النبي ﷺ لقربهما من بيته ولمعرفتهما بعائشة رضي الله عنهم.
أما أسامة فأشار علىٰ رسول الله ﷺ بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم لهم في نفسه من الود، فقال: يا رسول الله، أهلك ولا نعلم إلا خيراً.
وأما علي بن أبي طالب فقال: يا رسول الله، لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير، وإن تسأل الجارية تصدقك.
أسامة رضي الله عنه نظر في صالح عائشة، ولذلك برأها، وأما علي فنظر إلىٰ صالح النبي ﷺ، والهَمَّ الذي ركبه من هذه القضية.
فدعا رسول الله ﷺ بريرة خادمة عائشة فقال: «أي بريرة، هل رأيت من شيء يريبك من عائشة؟». قالت بريرة: لا والذي بعثك بالحق، إنْ رأيت عليها أمراً أغمصه عليها، أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن([21]) فتأكله.
فقام رسول الله ﷺ فاستعذر يومئذ من عبد الله بن أبي بن سلول، فقال رسول الله ﷺ علىٰ المنبر: يا معشر المسلمين، من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي؟ فوالله ما علمت علىٰ أهلي إلا خيراً، ولقد ذكروا رجلاً». يريد صفوان بن المعطل «ما علمت عليه إلا خيراً، وما كان يدخل علىٰ أهلي إلا معي».
فقام سعد بن معاذ الأنصاري ــ وهو سيد الأوس ــ فقال: يا رسول الله، أنا أعذرك منه، إن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك.
أما سعد بن عبادة ــ وهو سيد الخزرج ــ فقد احتملته الحمية فقال: كذبت لعمر الله، لا تقتله ولا تقدر علىٰ قتله. فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد ابن معاذ وهو من الأوس فقال لسعد بن عبادة: كذبت لعمر الله لنقتلنّه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين.
أي إن هذا التصرف منك تصرف المنافقين، وهذا يبين لنا أنه يجوز إطلاق كلمة المنافق علىٰ من تصرف تصرفات المنافقين، أي في هذه الصفة، وهذا يسمىٰ النفاق العملي وليس النفاق الاعتقادي.
تقول عائشة: فتساور الحيان ــ وفي رواية أخرىٰ: فتثاور الحيان ــ الأوس والخزرج، حتىٰ همّوا أن يقتتلوا، ورسول الله ﷺ قائم علىٰ المنبر، فلم يزل رسول الله يُخفّضهم حتىٰ سكتوا وسكت، وترك أمر عبد الله بن أبي بن سلول.
قالت عائشة: فمكثتُ يومي ذلك لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، فأصبح أبواي عندي، وقد كنت بكيت ليلتين ويوماً، يظنان أن البكاء فالق كبدي، فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي استأذنت عليّ امرأة من الأنصار، فجلست تبكي معي.
وهذا مما يهوّن علىٰ صاحب المصيبة، ولذلك قالت الخنساء لما مات أخوها صخر:
ولولا كثرة الباكينَ حَوْلي
علىٰ إخوانهم لقتلتُ نفسي
وما يَبْكِين مِثْلَ أخي ولكن
أُعَزِّي النفسَ عنه بالتسلي
قالت عائشة رضي الله عنها: فبينما نحن علىٰ ذلك دخل علينا رسول الله ﷺ فسلّم ثمّ جلس، قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها، وقد لبث شهراً لا يُوحىٰ إليه في شأني، فتشهد رسول الله ﷺ حين جلس ثم قال: «أما بعد، يا عائشة، فإنه بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلىٰ الله تاب الله عليه». فلما قضىٰ رسول الله ﷺ مقالته قلص دمعي حتىٰ ما أحس منه قطرة، فقلت لأبي: أجب رسول الله ﷺ. قال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله ﷺ. فقلت لأمي: أجيبي رسول الله ﷺ. قالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله ﷺ.
موقف عجيب وابتلاء من الله تبارك وتعالىٰ لعائشة رضي الله عنها.
فقلت ــ وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيراً من القرآن ــ: إني والله لقد علمت، لقد سمعتم هذا الحديث حتىٰ استقر في أنفسكم وصدقتم به، فلئن قلت لكم: إني بريئة ــ والله يعلم أني بريئة ــ لا تصدقونني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر ــ والله يعلم أني منه بريئة لتصدقنّي ــ والله ما أجد لكم مثلاً إلا قول أبي يوسف ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَٱللَّهُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ [يوسف: 18] ثم تحولت([22]) فاضطجعت علىٰ فراشي، وأنا حينئذ أعلم أني بريئة، وأن الله مبرئي، ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحياً يُتلىٰ، ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيَّ بأمر يتلىٰ، ولكن كنت أرجو أن يرىٰ رسول الله ﷺ في النوم رؤيا يبرئني الله([23])، فوالله ما رام رسول الله ﷺ، ولا خرج أحد من أهل البيت حتىٰ أُنزل عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء([24])، حتىٰ إنه ليتحدّر منه مثل الجُمان من العرق وهو في يوم شاتٍ من ثقل القول الذي ينزل عليه، قال تعالىٰ: ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾ [المزمل: 5].
قالت فلما سُرِّي عن رسول الله ﷺ وهو يضحك، فكانت أول كلمة تكلم بها أن قال: «يا عائشة، أما الله عز وجل فقد برأك». فقالت أمي: قومي إليه([25]) فقلت: والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله عز وجل.
فأنزل الله تبارك وتعالىٰ: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ جَاؤُوا بِٱلْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِنْهُمْ مَا ٱكْتَسَبَ مِنَ ٱلْإِثْمِ وَٱلَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِٱلشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْكَاذِبُونَ وَلَوْلَا فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ ٱللَّهِ عَظِيمٌ وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ يَعِظُكُمُ ٱللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَيُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلْآيَاتِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ ٱلْفَاحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلْآخِرَةِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ وَلَوْلَا فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ ٱللَّهَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ يَاأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِٱلْفَحْشَاءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [النور: 11 ــ 21].
فلما أنزل الله قرآناً في براءتي؛ قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه ــ وكان ينفق علىٰ مسطح لقرابته منه وفقره ــ: والله لا أنفق علىٰ مسطح شيئاً أبداً، فأنزل الله جل وعلا: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو ٱلْفَضْلِ مِنْكُمْ وَٱلسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي ٱلْقُرْبَى وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النور: 22]. قال أبو بكر: بلىٰ والله إني أحب أن يغفر الله لي، فرجع إلىٰ النفقة([26]). وهذا يدل علىٰ أنهم كانوا وقَّافين مع كتاب الله.
([1]) هذا فيه مشروعية القرعة بين الزوجات إذا كان للرجل أكثر من زوجة وأراد أن يسافر فلا بأس أن يعمل قرعة بين زوجاته، ومن خرجت لها القرعة خرجت معه.
([2]) الهودج: هو مثل الغرفة الصغيرة التي تجلس فيها المرأة وتوضع فوق الجمل حتىٰ لا يراها أحد. وكان حجاب زوجات النبي ﷺ هو أن يستر كل ما فيها من مفرق الرأس إلىٰ أخمص القدم كله يستر وهذا بلا خلاف بين أهل العلم أن زوجات النبي ﷺ كن يغطين وجوههنّ، وأما الخلاف الذي وقع بين أهل العلم في تغطية وجه غير زوجات النبي ﷺ وإن كان لاشك الأولىٰ بالنساء المؤمنات أن يغطين وجوههن.
([3]) لأنهم في رحلتهم هذه ولعددهم الكبير وللمسافات الطويلة فهم يسيرون ثم يجلسون، ويسيرون ثم يجلسون. وهكذا يكون مسيرهم في الليل لأنه أبرد وأروح للإبل فإذا طلع الفجر توقفوا صلوا الفجر وجلسوا وارتاحوا حتىٰ يأتي الليل يسيرون وهكذا.
([5]) الجزع: هو الخرز فيه شيء من الطيب كانت تلبسه النساء في ذلك الوقت.
([6]) كان لها من العمر ثلاث عشرة سنة.
([8]) أخرجه أحمد (11759)، وأبو داود (2459).
([9]) قال: إنا لله وإنا إليه راجعون.
([11]) أخرجه ابن ماجه (1465) بهذا اللفظ، وأصله في البخاري (5666).
([15]) مكان لقضاء الحاجة قرب المدينة.
([18]) وتقال للبنت المغفلة، وهنا وصفت عائشة بالغفلة.
([19]) وأمها أم رومان بنت عامر الكنانية.