الدروس المستفادة من معركة أحد
13-03-2023
ذكر ابن القيم رحمه الله الحكم والغايات والفوائد من تلك المعركة([1])، منها:
أولاً: تعريف المسلمين سوء عاقبة المعصية، وشؤم ارتكاب النهي؛ لما وقع من ترك الرماة موقفهم الذي أمرهم الرسول ﷺ ألا يبرحوه.
ثانياً: إن عادة الرسل أن تُبْتَلَىٰ وتكون لها العاقبة في النهاية، والحكمة في ذلك أنهم لو انتصروا دائماً لدخل في المؤمنين من ليس منهم، ولم يتميز الصادق من غيره، ولو انكسروا دائماً لم يحصل المقصود من البعثة، فاقتضت الحكمة الجمع بين الأمرين لتمييز الصادق من الكاذب؛ وذلك أن نفاق المنافقين كان مخفياً عن المسلمين، فلما جرت هذه القصة أظهر أهل النفاق ما أظهروه من الفعل والقول وعاد التلويح تصريحاً، وعرف المسلمون أن لهم عدواً في دورهم، فاستعدوا لهم وتحرزوا منهم.
ثالثاً: قال تعالىٰ: ﴿هُوَ ٱلَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَى وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ﴾ [الصف: 9]، فلو كان دائماً هزيمة ما ظهر هذا الدين، ولو كان دائماً نصر لم تتميز الصفوف، فهزيمة ونصر حتىٰ يظهر الله تبارك وتعالىٰ الدين كله علىٰ الأرض كلها.
رابعاً: إن في تأخير النصر في بعض المواطن هضماً للنفس وكسراً لشماختها، حتىٰ لا يصيب الإنسان الكِبْر والعُجب بنفسه، فيُهزم أحياناً وينتصر أحياناً؛ حتىٰ يعرف أن الأمر كله بيد الله تبارك وتعالىٰ.
خامساً: إن الله تبارك وتعالىٰ هيَّأ لعباده المؤمنين منازل في دار كرامته لا تبلغها أعمالهم، فقيض لهم أسباب المحن والابتلاء ليصلوا إليها، فلو لم يكن هناك جهاد ما نال المسلمون الفردوس الأعلىٰ عند الله تبارك وتعالىٰ، ولا شفع الشهيد لسبعين من أهله، ولا غُفر له مع أول قطرة دم تخرج، ولا عُصم من فتنة القبر، ولكن الله يريد أن يرفع درجاتهم فكان الجهاد.
سادساً: إن الشهادة من أعلىٰ مراتب الأولياء، فساقها الله سبحانه وتعالى إليهم سوقاً.
سابعاً: أراد سبحانه وتعالى إهلاك أعدائه، فقيض لهم الأسباب التي يستوجبون بها ذلك من كفرهم وبغيهم وطغيانهم في أذىٰ أوليائه، فمحّص بذلك ذنوب المؤمنين، ومحق بذلك الكافرين.
ولاشك أن هناك فوائد أخرىٰ، ولكن هذه بعض الفوائد التي ذكرها الإمام ابن القيّم رحمه الله.