قتل كعب بن الأشرف
13-03-2023
وكان من أشد اليهود أذىٰ وحقداً علىٰ النبي ﷺ، فهذا اليهودي صار يهجو النبي ﷺ وأصحابه، ويمدح أعداء النبي ويحرضهم عليه، حتىٰ سافر إلىٰ قريش، فنـزل علىٰ المطلب بن أبي وداعة السهمي، وجعل ينشد الأشعار يبكي فيها علىٰ أصحاب القليب من قتلىٰ المشركين، يريد أن يهيج أهل مكة للانتقام.
وهناك سأله أهل مكة: أديننا أحب إليك أم دين محمد وأصحابه؟ وأي الفريقين أهدىٰ سبيلاً؟ فقال: أنتم أهدىٰ سبيلاً، وقام وسجد لأصنامهم، فأنـزل الله جل وعلا: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ ٱلْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِٱلْجِبْتِ وَٱلطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا أُولَئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ ٱللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا﴾ [النساء: 51 ــ 52]([1]).
حينئذ قال رسول الله ﷺ: «من لكعب بن الأشرف، فإنه آذىٰ الله ورسوله»؟ فقام محمد بن مسلمة، فقال: أنا يا رسول الله، أتحب أن أقتله؟ قال: «نعم». قال: فائذن لي أن أقول شيئاً. قال: «قل». فأتاه محمد بن مسلمة فقال: إن هذا الرجل قد سألنا صدقة، وإنه قد عنانا([2]). قال كعب: والله لَتَمَلُّنَّه. قال محمد بن مسلمة: فإنا قد اتبعناه، فلا نحب أن ندعه حتىٰ ننظر إلىٰ أي شيء يصير شأنه، وقد أردنا أن تسلفنا وسقاً أو وسقين. قال كعب: نعم ارهنوني. قال ابن مسلمة: أي شيء تريد؟ قال: أرهنوني نساءكم. قال: كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب؟ قال: فترهنوني أبناءكم. قال: كيف نرهنك أبناءنا، فيُسَب أحدهم، فيقال: رهن بوسق أو وسقين، هذا عار علينا ولكنا نرهنك اللأمة ــ السلاح ــ. فقال كعب: أفعل.
وكذا فعل أبو نائلة مع كعب بن الأشرف.
فجاءاه ومعهما بعض أصحابهما فقال أبو نائلة: هل لك يا ابن الأشرف أن تمشي إلىٰ شعب العجوز، فنتحدث بقية ليلتنا؟ قال: إن شئتم. فقال أبو نائلة: ما رأيت كالليلة طيباً أعطر قط، وزهي كعب بما سمع. فقال له أبو نائلة: أتأذن لي أن أشم رأسك؟ قال: نعم. فأدخل يده في شعره ثم أخذ برأسه، وقال: دونكم عدو الله فقتلوه([3]).
([1]) أخرجه الطبري في «التفسير» (7/144).
([3]) أخرجه البخاري (4037)، ومسلم (1801)، من حديث جابر رضي الله عنه.