في شهر شعبان من السنة الثانية من الهجرة أمر الله تبارك وتعالىٰ بتحويل القبلة من بيت المقدس إلىٰ المسجد الحرام بقوله: ﴿ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي ٱلسَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ [البقرة: 144]، فحولت القبلة في صلاة الظهر أو في صلاة العصر، والأكثر علىٰ أنها في صلاة العصر.

ويُذكر أنه أول من صلىٰ إلىٰ مكة البراء بن معرور رضي الله عنه في بيعة العقبة الثانية لما خرجوا إلىٰ مكة أدركتهم الصلاة، والمدينة موقعها بين مكة وبيت المقدس، فمن أراد أن يصلي إلىٰ بيت المقدس فلابد أن يعطي مكة ظهره، ومن أراد أن يصلي إلىٰ مكة لابد أن يعطي بيت المقدس ظهره، فصلوا إلىٰ بيت المقدس، أما البراء بن معرور رضي الله عنه فصلىٰ إلىٰ مكة، فاستغرب أصحابه منه.

فلما قضىٰ الصلاة قالوا: ويحك ماذا فعلت؟ قال: والله إني كرهت أن أجعل هذه البُنيَّة في ظهري. فقالوا: ويحك إن النبي ﷺ يصلي إلىٰ بيت المقدس قال: لا أدري.

فتركوه فلما وصلوا إلىٰ النبي ﷺ أخبروه، فالتفت إليه النبي ﷺ فقال: «قد كنت علىٰ قبلة لو صبرت»([1])

وكان النبي ﷺ يتمنىٰ أن تكون مكة هي القبلة، وكان في مكة يجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس.

 

([1])             أخرجه أحمد (15798).