بعد أن استقر بالنبي ﷺ المقام قام ببناء المسجد النبوي في المكان الذي بركت فيه الناقة، وكان المكان لغلامين يتيمين فاشتراه، وبنىٰ المسلمون المسجد وشارك النبي ﷺ في البناء بيديه الكريمتين ﷺ، وكان يقول وهو يبني معهم: «اللَّهم لا عيش إلا عيش الآخرة، فاغفر للأنصار والمهاجرة»([1]).

 فكان الأنصار يعملون مع النبي ﷺ ويقولون: لئن قعدنا والنبي يعمل، لذاك منا العمل المضلل([2]).

وكان في ذلك المكان قبور للمشركين، وكان فيه خِرب ونخل، فأمر النبي ﷺ بالقبور فنبشت، والخِرب فسويت، وبالنخل فقطعت، وصفت في قبلة المسجد، وكانت القبلة في ذلك الوقت إلىٰ بيت المقدس، لم يؤمر النبي ﷺ بالتوجه إلىٰ مكة، وبنىٰ بجانب هذا المسجد بيوتاً، وهي الحُجَر بيوت أزواجه ﷺ، وبعد أن تكامل البنيان انتقل ﷺ إلىٰ تلك البيوت.

 

([1])             أخرجه البخاري (428، 2961)، ومسلم (1805)، من حديث أنس رضي الله عنه.

([2])            انظر: «سيرة ابن هشام» (1/495).