أول مسجد أسس علىٰ التقوىٰ
13-03-2023
أَسَّسَ ﷺ مسجد قباء وصلىٰ فيه، وهو أول مسجد أُسِّسَ علىٰ التقوىٰ، ولما كان اليوم الخامس وهو يوم الجمعة ركب الرسول ﷺ بأمر الله له وأردف أبا بكر، وأرسل إلىٰ بني النجار وهم أخوال جده عبد المطلب، فجاؤوا مُتَقَلِّدين سيوفهم، فسار جهة المدينة، فأدركته الجمعة في قرية لبني سالم بن عوف، فجمّع بهم في المسجد الذي في بطن الوادي، وهذه أول جمعة صلاها النبي ﷺ في المدينة.
وبعد أن صلىٰ الجمعة انطلق إلىٰ داخل المدينة، فكان لا يَمُرُّ بدار من دور الأنصار إلا أخذوا خطام راحلته، هلمّ إلىٰ العدد والعدة والسلاح والمنعة، فكان يقول لهم: «خلّوا سبيلها، فإنها مأمورة». فلم تزل سائرة به حتىٰ وصلت إلىٰ موضع المسجد النبوي فَبَرَكت، فلم ينـزل عنها حتىٰ نهضت وسارت قليلاً، ثمّ التفتت ورجعت فبركت في موضعها الأول، فنـزل عنها النبي ﷺ في بني النجار، وكان من توفيق الله له، فإنه أحب أن ينـزل علىٰ أخواله ليكرمهم بذلك، وهذه من صلة الرحم.
فجعل الناس يكلمون الرسول ﷺ في النزول إليهم، فكل واحد منهم يأتي إلىٰ الرسول ﷺ ويقول: يا رسول الله انـزل عندي، اسكن عندي، فقام أبو أيوب الأنصاري وأخذ رحل النبي ﷺ، ثم دخل به إلىٰ بيته، فالتفت إليه النبي ﷺ فقال: «المرء مع رحله»، فجاء أسعد بن زرارة فأخذ بزمام راحلة النبي ﷺ فقال: والراحلة عندي([1]).
وبعد أيام وصلت زوج النبي ﷺ سوْدة وابنتاه فاطمة وأم كلثوم، وكذلك أسامة بن زيد وأم أيمن، وكل أولئك خرج معهم عبد الله بن أبي بكر ومعه كذلك أولاد أبي بكر الصديق، وبقيت زينب بنت النبي ﷺ عند أبي العاص بن الربيع لم تستطع أن تهاجر معه؛ لأنه كان علىٰ دين قومه.
([1]) أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (1/237)، من حديث أنس رضي الله عنه، وسعيد بن منصور في «السنن» (2978)، والطبراني في «الأوسط» (1/237)، من حديث ابن الزبير رضي الله عنه، وفي كلا الطريقين مقال. انظر: «السيرة الصحيحة» للعمري (1/219 ــ 221).