خيمة أم معبد
13-03-2023
ومرّ النبي ﷺ في مسيره ذلك حتىٰ أتىٰ خيمةَ امرأةٍ يقال لها: أم معبد، فسألها النبي ﷺ وأبو بكر: هل عندك شيء؟ قالت: والله ما عندنا شيء ما أعوزكم. وكانت سَنَةً شهباء، فنظر النبي ﷺ إلىٰ شاة في كسر الخيمة، فقال: «ما هذه الشاة يا أم معبد؟». قالت: شاة خلفها الجهد عن الغنم. فقال: «هل بها من لبن؟». قالت: هي أجهد من ذلك. فقال: «أتأذنين أن أحلبها». قالت: نعم بأبي وأمي، إن رأيت بها حلباً فاحلبها. فمسح رسول الله ﷺ بيده ضرعها، وسمىٰ الله ودعا فتفاجت عليه ودرّت، فدعىٰ بإناء لها فحلب فيه حتىٰ علته الرغوة، فسقاها فشربت حتىٰ رويت، وسقىٰ أصحابه أبا بكر وعامراً وعبد الله بن أريقط حتىٰ رووا، ثمّ شرب، وحلب ثانية حتىٰ ملأ الإناء، ثمّ أعطاه إياها وغادر ﷺ.
بعد ذلك جاء زوج أم معبد يسوق أعنزاً عجافاً ما فيها لبن، فلما رأىٰ اللبن عجِبَ! فقال: من أين لك هذا والشاة عازب ولا حلوبة في البيت؟ فقالت: والله إلا أنه مرّ بنا رجل مبارك، كان من حديثه كيت وكيت، ومن حاله كذا وكذا. فذكرت له ما وقع، فقال زوجها: إني والله أرىٰ أنه صاحب قريش الذي تطلبه، صفيه لي يا أم معبد. فوصفته بصفات فقال لها: هذا والله من يبحث عنه أهل مكة([1]).
وسمعت أشعار يقال إنها للجن:
جزىٰ الله رب العرش خير جزائه
رفيقين حلا خيمتي أم معبد
هما نـزلا بالبر وارتحلا به
وأفلح من أمسىٰ رفيق محمد
فيا لقصي ما زوىٰ الله عنكم
به من فعال لا يجازىٰ وسؤدد
ليهنا بنو كعب مكان فتاتهم
ومقعدها للمؤمنين بمرصد
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها
فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد
([1]) أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (3605)، والحاكم في «المستدرك» (4274).