سُراقة بن مالك يبحث عن المكافأة
13-03-2023
وتابع النبيَّ ﷺ وأبا بكر رجلٌ يقال له: سُراقة بن مالك بن جعشم، ويحدثنا سراقة بقصته، قال: بينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج، إذ أقبل رجل منهم حتىٰ قام علينا ونحن جلوس. فقال: يا سراقة إنّي رأيت آنفاً أسودة بالساحل أراها محمداً وأصحابه. قال سراقة: وعرفت أنهم هم؟ فقلت له: إنهم ليسوا بهم، ولكنك رأيت فلاناً وفلاناً انطلقوا بأعيننا. ثمّ لبثت في المجلس ساعة ثمّ قمت، فدخلت فأمرت جاريتي أن تُخرج فرسي من وراءِ أكمة فتحبسها عليّ([1])، فأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت، فخططت بزجه الأرض، وخفضت عاليه، حتىٰ أتيت فرسي فخررت عليها، فقمت فأهويت بيدي إلىٰ كنانتي، فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها أضرهم أم لا([2])، فخرج الذي أكره.
قال: فركبت فرسي وعصيت الأزلام، حتىٰ إذا اقتربت من النبي ﷺ وأبي بكر سمعت قراءة النبي ﷺ، وهو لا يلتفت وأبو بكر يكثر الالتفات. قال: فساخت يدا فرسي في الأرض حتىٰ بلغتا الركبتين فخررت عنها، ثمّ زجرتها، فنهضت فلم تكد تُخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها غبار ساطع في السماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام مرة ثانية، فخرج الذي أكره، فناديتهم بالأمان، فوقفوا فركبت فرسي حتىٰ جئتهم، ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم كيف أن فرسي امتنعت أن سيظهر أمر الرسول ﷺ، وقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية، وعرضت عليه الزاد والمتاع فلم يرزآني([3])، ولم يسألاني إلىٰ أن قال: أخفِ عنّا. فسألته أن يكتب لي كتاب أمن فأمر عامر بن فهيرة، فكتب لي في رقعة من أدم، ثم مضىٰ رسول الله ﷺ([4]).
ورجع سراقة بن مالك ووجد الناس في الطلب، فجعل يقول لهم قد استبرأت لكم الخبر، قد كفيتكم ما هاهنا.
سبحان الله! في أول الأمر يريد قتلهما، يريد المكافأة، وفي آخر النهار جعل يدافع عنهما ويخفي أمرهما، فهذا من الله تبارك وتعالىٰ كيف أنه يحفظ نبيه ﷺ.