ثمّ بعد هذه الحادثة وقعت حادثة أخرىٰ للنبي ﷺ وهي حادثة عجيبة ذُكرت بالتواتر ألا وهي انشقاق القمر، طلب كفار قريش من النبي ﷺ علامة ودلالة علىٰ صدقه، وكأنه ما أتاهم بشيء من ذلك! فطلبوا منه صلوات الله وسلامه عليه أن يشق القمر نصفين فقال: «أرأيتم لو شق الله لكم القمر نصفين أتؤمنون؟» قالوا: وما لنا لا نؤمن! فدعىٰ النبي ﷺ ربه تبارك وتعالىٰ، فشق الله لهم القمر نصفين، فلما نظروا إلىٰ القمر وهو نصفين بينهما جبل أبي قبيس؛ قالوا: لقد جاء بسحر. فقال قائل منهم: إن كان قد سحركم فلا يستطيع أن يسحر الناس جميعاً، فانتظروا السُّفّار إذا جاؤوا، فلما جاء السفّار قالوا لهم: ما أعجب ما رأيتم؟ قالوا: في ليلة كذا رأينا القمر فلقتين. قالوا: لقد جاء بسحر عظيم، سحر الناس أجمعين([1]).

وهذا مصداق قول الله تبارك وتعالىٰ في سورة القمر: ﴿ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنْشَقَّ ٱلْقَمَرُ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ﴾ [القمر: 1 ــ 2] أي سحر قوي.

 

([1])             أخرجه البخاري دون ذكر القصة (4867) من حديث أنس رضي الله عنه، وأخرجه أبو نعيم في «دلائل النبوة» (209)، من حديث ابن عباس رضي الله عنه.