قد مرّ بنا أن النبي ﷺ دعا بعض أهل المدينة وأنهم آمنوا به وتابعوه، فلما كان في الموسم من السنة الثانية عشرة من بعثة النبي ﷺ؛ جاء الأنصار إلىٰ النبي ﷺ وبايعوه، والذين بايعوا النبي ﷺ هم معاذ بن الحارث، وذكوان بن عبد القيس، وعبادة بن الصامت، ويزيد بن ثعلبة، والعباس بن عبادة،     وأبو الهيثم بن التيهان، وعويم بن ساعدة. وكلهم من الخزرج إلا أبو الهيثم وعويم؛ بايعوا النبي ﷺ بيعة النساء، وهي التي ذكرها الله تبارك وتعالىٰ في قوله: ﴿يَاأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ ٱلْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُنَّ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الممتحنة: 12].

هكذا كان يبايع رسول الله ﷺ الرجال، قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه: إن رسول الله ﷺ قال: «تعالوا بايعوني علىٰ أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان لتفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوني في معروف، فمن وفَّىٰ منكم فأجره علىٰ الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو له كفارة، ومن أصاب من ذلك شيئاً فستره الله فأمره إلىٰ الله: إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه». قال: فبايعناه علىٰ ذلك([1]).

ثم أرسل النبي ﷺ مصعب بن عمير رضي الله عنه يعلمهم الإسلام ويدعو غيرهم، ونجح مصعب بن عمير نجاحاً باهراً في دعوته إلىٰ الله تبارك وتعالىٰ.وهاتان قصتان لرجلين أسلما علىٰ يد مصعب بن عمير، فكان في إسلامهما خير عظيم.

 

([1])             أخرجه البخاري (18، 3892، 3893).