دخل النبي ﷺ إلىٰ بلده مرة ثانية إلىٰ مكة، إلىٰ البيت الحرام، إلىٰ مصدر النور الذي ابتدأه النبي ﷺ إلىٰ حيث قومه ودعوته في ابتدائها، فلما كان موسم الحج في السنة الحادية عشرة من النبوة مَرَّ النبي ﷺ بمنىٰ فسمع أصوات رجال من الحجاج، وكانوا ستة نفر من أهل يثرب، وكلهم من الخزرج، وهم: أسعد بن زرارة، وعوف بن الحارث، ورافع بن مالك، وقطبة ابن عامر، وعقبة بن عامر، وجابر بن عبد الله.

وكان من سعادتهم أنهم كانوا يسمعون من حلفائهم من اليهود أن نبياً مبعوث في هذا الزمان إذ كانت اليهود دائماً تقول للأوس والخزرج هذا أوان خروج نبي وسنتابعه ونقتلكم شر قِتلة، فلما جاءهم النبي ﷺ قال لهم: من أنتم؟ قالوا: من الخزرج. قال: من موالي اليهود؟([1]) قالوا: نعم. قال: أفلا تجلسون أكلمكم؟ قالوا: بلىٰ. فجلسوا معه فذكر لهم دعوته والدين الذي يدعو إليه، وقرأ عليهم بعض آيات من كتاب الله تبارك وتعالىٰ، فقال بعضهم لبعض: تعلمون والله يا قوم إنه للنبي الذي توعدكم به يهود، فلا تسبقنّكم إليه، فأسرعوا إلىٰ إجابته، وأسلِموا. فأسلَموا، وتابعوا النبي ﷺ.

وفي هذه السنة تزوج النبي ﷺ من عائشة رضي الله عنها ابنة أبي بكر، واختلف أهل العلم في سودة فقيل: تزوجها قبل عائشة، وقيل: بعد عائشة رضي الله عنهما.

 

([1])             يعني بينكم وبين اليهود حلف.