محاولة انتحار النبي ﷺ
12-03-2023
قال الزهري: «فأخبرني عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: وفتر الوحي فترةً حتى حزن النبي ﷺ ــ فيما بلغنا ــ حزناً غدا منه مراراً كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه تبدى له جبريل فقال يا محمد إنك رسول الله حقاً، فيسكن لذلك جأشه، وتقر نفسه فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك»([1]).
وهذه الزيادة ليست من كلام عائشة رضي الله عنها، بل هي من كلام الزهري، وهو من التابعين ولم يدرك تلك الحادثة، ولم يذكر مَنْ حدَّثه بهذا من الصحابة، ولهذا قال: «فيما بلغنا»، وبلاغات الزهري وغيرها من قبيل الحديث المنقطع وهو ضعيف؛ فلا تصح نسبته إلى النبي ﷺ.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «ثم إن القائل «فيما بلغنا» هو الزهري، ومعنى الكلام: أن في جملة ما وصل إلينا من خبر رسول الله ﷺ في هذه القصة. وهو من بلاغات الزهري وليس موصولاً، وقال الكرماني: هذا هو الظاهر»([2]).
قال الشيخ الألباني رحمه الله: «هذا العزو للبخاري خطأ فاحش؛ ذلك لأنه يوهم أن قصة التردي هذه صحيحة على شرط البخاري وليس كذلك.. وإذا عرفت عدم ثبوت هذه الزيادة فلنا الحق أن نقول: إنها زيادة منكرة من حيث المعنى؛ لأنه لا يليق بالنبي ﷺ المعصوم أن يحاول قتل نفسه بالتردي من الجبل مهما كان الدافع له على ذلك»([3]).