فضائل فاطِمَةُ
09-03-2023
كانَ النبي ﷺ يُحِبُّها حُبّاً شَديداً وَيُجِلُّها، وَكانَتْ أحَبَّ بَناتِهِ إِلَيْهِ.
وَعَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أنَّهُ قالَ: «قالَ لي غَيْرُ واحِدٍ: كانَتْ فاطِمَةُ أصْغَرَهُنَّ وأحَبَّهُنَ إِلَى رَسولِ الله »([1]).
قالَتْ عائِشَةُ رضي الله عنها: «ما رأيْتُ أفْضَلَ مِنْ فاطِمَةَ غَيْرَ أبيها. وَكانَ بَيْنَهُما شَيْءٌ فَقالَتْ: يا رَسولَ الله سَلْها؛ فإنَّها لا تَكْذِبُ»([2]).
وَفي رِوايَةٍ: «ما رأيْتُ أحَداً قَطُّ أصَدَقَ مِنْ فاطِمَةَ غَيْرَ أبيها»([3]).
وَكانَتْ إِذا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قامَ لَها وَقَبَّلَها وأجْلَسَها مَكانَهُ؛ إِجْلالاً وَتَعْظيماً لَها.
وَقالَتْ عائِشَةُ رضي الله عنها: «كانَتْ إِذا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قامَ إِلَيْها فأخَذَ بيدِها وَقَبَّلَها وأجْلَسَها في مَجْلِسِهِ، وَكانَ إِذا دَخَلَ عَلَيْها قامَتْ إِلَيْهِ فأخَذَتْ بيدِهِ فَقَبَّلَتْهُ وأجْلَسَتْهُ في مَجْلِسِها»([4]).
قالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لِفاطِمَةَ رضي الله عنها: «يا فاطِمَةُ، أما تَرْضَيْ أنْ تَكوني سَيِّدَةَ نِساءِ المُؤْمِنينَ، أوْ سَيِّدَةَ نِساءِ هَذِهِ الأُمَّةِ»؟([5])
وَفي رِوايَةٍ: «أما تَرْضَيْنَ أنْ تَكوني سَيِّدَةَ نِساءِ أهْلِ الجَنَّةِ»؟([6])
وَقالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لِأنَسٍ رضي الله عنه: «حَسْبُكَ مِنْ نِساءِ العالَمينَ: مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرانَ، وَخَديجَةُ بِنْتُ خويْلِدٍ، وَفاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وآسيةُ امْراةُ فِرْعَوْنَ»([7]).
وَفي رِوايَةٍ: «أفْضَلُ نِساءِ أهْلِ الجَنَّةِ: خَديجَةُ بِنْتُ خويْلِدٍ، وَفاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرانَ، وآسيةُ بِنْتُ مُزاحِمٍ امْراةُ فِرْعَوْنَ»([8]).
وَفي رِوايَةٍ أُخْرَى: «سَيِّداتُ نِساءِ أهْلِ الجَنَّةِ»([9]).
وَكانَتْ أشْبَهَ أهْلِهِ بِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، فَعَنْ عائِشَةَ رضي الله عنها أنَّها قالَتْ: «جاءَتْ فاطِمَةُ تَمْشي كأنَّ مِشْيَتَها مِشْيَةُ رَسولِ اللهِ»([10]).
وَعَنْها أيْضاً أنَّها قالَتْ: «ما رأيْتُ أحَداً مِنَ النّاسِ كانَ أشْبَهَ بِالنبي ﷺ كَلاماً وَلا حَديثاً وَلا جِلْسَةً مِنْ فاطِمَةَ»([11]).
وَفي رِوايَةٍ: «ما رأيْتُ أحَداً كانَ أشْبَهَ سَمْتاً وَهَدْياً وَدَلّاً بِرَسولِ الله مِنْ فاطِمَةَ»([12]).
وَكانَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ يَغْضَبُ لِغَضَبِها وَيَتأذَّى لِأذاها، فَعَنْ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أنَّ النبي ﷺ قالَ: «فاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنّي، فَمَنْ أغْضَبَها أغْضَبَني»([13]).
وَفي رِوايَةٍ: «فإنَّما ابْنَتي بَضْعَةٌ مِنّي، يُريبُني ما أرابَها، وَيُؤْذيني ما آذاها»([14]).
وَفي رِوايَةٍ أُخْرَى: «فاطِمَةُ بِضْعَةٌ مِنّي، يَقْبِضُني ما يَقْبِضُها، ويَبْسُطُني ما يَبْسُطُها»([15]).
وَعَنْ عائِشَةَ رضي الله عنها قالَتْ: «خَرَجَ النبي ﷺ غَداةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِنْ شَعْرٍ أسْوَدَ، فَجاءَ الحَسَنُ بْنُ عَلي فأدْخَلَهُ، ثُمَّ جاءَ الحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ، ثُمَّ جاءَتْ فاطِمَةُ فأدْخَلَها، ثُمَّ جاءَ عَلي فأدْخَلَهُ، ثُمَّ قالَ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب: 33]»([16]).
وَمِنْ فَضائِلِها رضي الله عنها أنَّ ما بَقي مِنْ ذُرّيةِ النبي ﷺ مَحْصورٌ في ذُرّيتِها رضي الله عنها وأرْضاها.
قالَ ابْنُ حَجَرٍ: «انْقَطَعَ نَسْلُ رَسولِ الله ﷺ إِلّا مِنْ فاطِمَةَ»([17]).
وَقالَ ابْنُ الأثيرِ: «انْقَطَعَ نَسْلُ رَسولِ الله ﷺ إِلّا مِنْها ــ أيْ مِنْ فاطِمَةَ ــ فإنَّ الذكورَ مِنْ أوْلادِهِ ماتوا صِغاراً، وأمّا البَناتُ فإنَّ رُقَيَّةَ رضي الله عنها وَلَدَتْ عَبْداللهِ بْنَ عُثمْانَ فَتوفّي صَغيراً، وأمّا أُمُّ كُلْثوُمٍ فَلَمْ تَلِدْ، وأمّا زَيْنَبُ رضي الله عنها فَوَلَدَتْ عَلياً وَماتَ صَبياً، وَوَلَدَتْ أُمامَةَ بِنْتَ أبي العاصِ فَتَزَوَّجَها عَلي، ثُمَّ بَعْدَهُ المُغيرَةُ ابْنُ نَوْفَلٍ. وَقالَ الزُّبَيْرُ: انْقَرَضَ عَقِبُ زَيْنَبَ»([18]).
وَكانَ النبي ﷺ يُقَدِّمُها عَلى أزْواجِهِ؛ فإذا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدأ بِالمَسْجِدِ فَصَلَّى بِهِ، ثُمَّ يُثَنّي بِفاطِمَةَ رضي الله عنها، ثُمَّ يأتي أزْواجَهُ([19]).
وَبَشَّرَها عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بِأنَّها أوَّلُ أهْلِهِ لُحوقاً بِهِ، فَعَنْ عائِشَةَ رضي الله عنها أنَّ النبي ﷺ دَعا فاطِمَةَ ابْنَتَهُ فَسارَّها فَبَكَتْ، ثُمَّ سارَّها فَضَحِكَتْ. فَقالَتْ عائِشَةُ: فَقُلْتُ لِفاطِمَةَ: ما هَذا الَّذي سارَّكِ بِهِ رَسولُ الله فَبَكَيْتِ، ثُمَّ سارَّكِ فَضَحِكْتِ؟ قالَتْ: سارَّني فأخْبَرَني بِمَوْتِهِ فَبَكَيْتُ، ثُمَّ سارَّني فأخْبَرَني أنّي أوَّلُ مَنْ يَتْبَعُهُ مِنْ أهْلِهِ فَضَحِكْتُ([20]).
([1]) أَخْرَجَهُ الطَّبَراني في «الكَبيرِ» (22/396).
([2]) أَخْرَجَهُ الطَّبَراني في «الأَوْسَطِ»(3/137).
([3]) أَخْرَجَهُ أبو نُعَيْمٍ في «الحِلْيَةِ» (2/42)، وأبو يَعْلى (8/153). وَقالَ الهَيْثَمي في «المَجْمَعِ» (9/136): «رَواهُ الطَّبَراني في الأَوْسَطِ وأبو يَعْلى... وَرِجالُهُما رِجالُ الصَّحيحِ».
([4]) أَخْرَجَهُ أبو داوُدَ (5217)، والتِّرْمِذي (3872)، والنَّسائي في «الكُبْرَى» (5/96)، وَصَحَّحَهُ الأَلبْاني في «المِشْكاةْ» (4689).
([5]) أَخْرَجَهُ البُخاري (5928)، وَمُسْلِمٌ (2450) مِنْ حَديثِ عائِشَةَ رضي الله عنها.
([6]) أَخْرَجَهُ البُخاري (3426) مِنْ حَديثِ عائِشَةَ رضي الله عنها.
([7]) أَخْرَجَهُ أحْمَدُ (3/135)، والتِّرْمِذي (3878) مِنْ حَديثِ أَنَسٍ رضي الله عنه، وَصَحَّحَهُ الأَلبْاني في «صحيح الجامع» (3143).
([8]) أَخْرَجَهُ أحْمَدُ (1/293) مِنْ حَديثِ ابْنِ عَبّاسٍ رضي الله عنه، وَصَحَّحَهُ الأَلبْاني في «السِّلْسِلَةِ الصَّحيحَةِ» (1508).
([9]) أَخْرَجَهُ الطَّبَراني في «الكَبيرِ» (11/415) مِنْ حَديثِ ابْنِ عَبّاسٍ رضي الله عنهما، وَصَحَّحَهُ الأَلبْاني في «السِّلْسِلَةِ الصَّحيحَةِ» (1424).
([10]) أَخْرَجَهُ البُخاري (3426)، وَمُسْلِمٌ (2450).
([11]) أَخْرَجَهُ البُخاري في «الأَدَبِ المُفْرَدِ» (1/326)، وَصَحَّحَهُ الأَلبْاني في «صَحيحِ الأَدَبِ المُفْرَدِ» (ص367).
([12]) حَديثٌ صَحيحٌ، تَقَدَّمَ تَخْريجُهُ (ص49).
([13]) أَخْرَجَهُ البُخاري (3510).
([14]) أَخْرَجَهُ البُخاري (4932)، وَمُسْلِمٌ (2449).
([15]) أَخْرَجَهُ أحْمَدُ (4/332) وَفيهِ: «فاطِمَةُ شُجْنَةٌ مِنّي»، والحاكِمُ في«المُسْتَدْرَكِ» واللَّفْظُ لَهُ (3/172) مِنْ حَديثِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رضي الله عنه، وَصَحَّحَهُ الأَلبْاني في «السِّلْسِلَةِ الصَّحيحَةِ» (1995).
([16]) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (2424).
([18]) أُسْدُ الغابَةِ (3/395).
([19]) أَخْرَجَهُ الطَّبَراني في «الكَبيرِ» (22/225)، وَفي «مُسْنَدِ الشّاميينَ» (1/299)، والحاكِمُ في «المُسْتَدْرَكِ» (3/169) مِنْ حَديثِ أَبي ثَعْلَبَةَ الخُشَني رضي الله عنه. وانظرْ: «الثَّمَرَ المُسْتَطابِ» (ص626).