خوفه وورعه:

عَن الحَسَنِ بْنِ عَلي  رضي الله عنهما قالَ: «لَمّا احْتُضِرَ أبو بَكْرٍ  رضي الله عنه قالَ: يا عائِشَةُ، انْظُري اللِّقْحَةَ الَّتي كُنّا نَشْرَبُ مِنْ لَبَنِها، والجِفْنَةَ الَّتي كُنّا نَصْطَبِحُ فيها، والقَطيفَةَ الَّتي كُنّا نَلْبَسُها، فإنّا كُنّا نَنْتَفِعُ بِذَلِكَ حينَ كُنّا في أمْرِ المُسْلِمينَ، فإذا مِتُّ فارْدُديهِ إِلَى عُمَرَ. فَلَمّا ماتَ أبو بَكْرٍ  رضي الله عنه أرْسَلْتُ بِهِ إِلَى عُمَرَ  رضي الله عنه، فَقالَ عُمَرُ  رضي الله عنه: رَضي اللهُ عَنْكَ يا أبا بَكْرٍ؛ لَقَدْ أتْعَبْتَ مَنْ جاءَ بَعْدَكَ»([1]).

وَعَنْ قَيْسٍ قالَ: «كانَ لِأبي بَكْرٍ غُلامٌ، فَكانَ إِذا جاءَ بِغَلَّتِهِ لم يأكُلْ مِنْ غَلَّتِهِ حَتّى يَسْألهُ، فإنْ كانَ شَيْئاً مِمّا يُحِبُّ أكَلَ، وإنْ كانَ شَيْئاً يَكْرَهُ لم يأكُلْ. قالَ: نَسي لَيْلَةً فأكَلَ وَلم يَسْألْهُ، ثُمَّ سألَهُ، فأخْبَرَهُ أنَّهُ مِنْ شَيْءٍ كَرِهَهُ، فأدْخَلَ يَدَهُ فَتَقَيّا»([2]).

وَكانَ يَقولُ  رضي الله عنه : «واللهِ لَوَدِدْتُ أنّي كُنْتُ هَذِهِ الشَّجَرَةَ؛ تُؤْكَلُ وَتُعْضَدُ»([3]).

وَدَخَلَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ عَلَى أبي بَكْرٍ الصِّدّيقِ وَهو يَجْبِذُ لِسانَهُ، فَقالَ لَهُ عُمَرُ: «مَهْ! غَفَرَ اللهُ لَكَ»؟ فَقالَ أبو بَكْرٍ: «إِنَّ هَذا أوْرَدَني الموارِدَ»([4]).

وَلَمْ يُعْلَمْ أنَّهُ  رضي الله عنه ظَلَمَ أحَداً، أوْ مَنَعَهُ حَقَّهُ في حَياتِهِ كُلِّها([5]).

 

([1])       أَخْرَجَهُ الطَّبَراني في «الكَبيرِ» (1/60).

([2])      أَخْرَجَهُ أحْمَدُ في «الزُّهْدِ» (ص 109).

([3])      أَخْرَجَهُ أحْمَدُ في «الزُّهْدِ» (ص 112).

([4])      أَخْرَجَهُ الإِمامُ مالِكٌ في «الموطَّأِ» (3621) مِنْ حَديثِ عُمَرَ  رضي الله عنه، وَصَحَّحَهُ الأَلبْاني في «المِشْكاةِ» (4869).

([5])      مِنْهاجُ السُّنَّةِ (4/247).