كان معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه معروفاً بحسن الخلق، وطِيبِ المعشر، خاصة ما اشتهر فيه من الحِلم والأناة، والكرم، ولين الجانب، وغير ذلك من الأخلاق الحميدة.

كرمه:

كان معاوية إذا لقي الحسن بن عليٍّ يقول: مرحبًا وأهلًا بابن رسول الله ﷺ، ويأمر له بثلاثمئة ألف.

وكان يلقى ابن الزبير فيقول: مرحبًا بابن عمة رسول الله ﷺ، وحواريِّ رسول الله ﷺ، ويأمر له بمئة ألف([1]).

حلمه:

عن أبي مسلم الخولاني أنه نادى معاوية بن أبي سفيان ¬ وهو جالس على منبر دمشق فقال: يا معاوية إنما أنت قبر من القبور، إن جئت بشيء، كان لك شيء، وإن لم تجئ بشيء فلا شيء لك، يا معاوية لا تحسبن الخلافة جمع المال وتفرقته، ولكن الخلافة العمل بالحق، والقول بالمعدلة وأخذ الناس في ذات الله، يا معاوية إنا لا نبالي بكدر الأنهار، وما صفت لنا رأس عيننا، وإنك رأس أعيننا، يا معاوية إنك إن تَحِفْ على قبيلة من قبائل العرب يذهب حَيْفُك بِعَدْلِكَ، فلما قضى أبو مسلم مقالته أقبل عليه معاوية فقال: يرحمك الله، يرحمك الله([2]).

وعن هشام بن عروة قال: صلى بنا عبد الله بن الزبير الغداة ذات يوم فوجم بعد الصلاة وجوماً لم يكن يفعله، ثم أقبل علينا بوجهه فقال: لله درُّ ابن هند! أما والله إن كنا نتخدعه فيتخادع لنا، وما ابن ليلة بأدهى منه، لله درُّ ابن هند! أما والله إن كنا لنفرقه فيتفارق لنا، وما الليث الحرب بأجرأ منه، كان والله كما قال بطحاء العذري:

ركوب المنابر وثابها معن بخطبته مجهر         تريع إليه فصوص الكلام إذا نثر الخطل المهمر([3]).

زهده:

عن عبيد أبي البختري قال: كنت عند معاوية فرأيته متواضعاً، ولم أرَ أسياطًا غير مخاريق كمخاريق الصبيان من رقاع فيفقعون بها([4]).

عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه، أن معاوية رضي الله عنه أمهم في قميص([5]). وسنده صحيح.

 

([1])     رواه الآجري (5/2468)، وابن عساكر (59/194)، وسنده صحيح.

([2])    أخرجه أحمد في الزهد (ص391).

([3])    أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (59/185)، وسنده صحيح.

([4])    الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم (1/380)، تاريخ دمشق (59/171).

([5])    أخرجه مسدد في مسنده كما في المطالب العالية (3/792).