جاء في فضل معاوية رضي الله عنه نصوصٌ عامة مع عموم الصحابة  ونصوص خاصة به:

أما النصوص العامة؛ فهي:

1 ــ عن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «النجوم أمَنَةٌ لأهل السماء، فإذا ذهبتِ النجوم أتى السماءَ ما توعد، وأنا أمَنَةٌ لأصحابي، فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أَمَنَةٌ لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون»([1]).

2 ــ عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن أم حرام ~، وهي خالة أنس، قالت: أتانا النبي ﷺ يومًا، فقال عندنا، فاستيقظ وهو يضحك، فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ بأبي أنت وأمي، قال: «أريتُ قومًا من أمتي يركبون ظهر البحر كالملوك على الأَسِرَّة». فقلت: ادعُ الله أن يجعلني منهم. قال: «فإنك منهم». قالت: ثم نام، فاستيقظ أيضًا وهو يضحك، فسألته، فقال مثل مقالته، فقلت: ادع الله أن يجعلني منهم. قال: «أنت من الأولين». قال: فتزوجها عبادة بن الصامت بعد، فغزا في البحر فحملها معه، فلما أن جاءت قربت لها بغلة فركبتها فصرعتها، فاندقتْ عنقها([2]).

قال ابن عبد البر: «أراد ــ والله أعلم ــ أنه رأى الغزاة في البحر من أمته ملوكًا على الأسِرَّةِ في الجنة، ورؤياه وحي، وقد قال الله تعالى في صفة أهل الجنة: ﴿ عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ ، وقال: ﴿ عَلَى ٱلْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ﴾ ، والأرائك: السرر في الحجال»([3]).

قال الـمُهَلَّب: «في هذا الحديث مَنْقَبةٌ لمعاوية؛ لأنه أول من غزا البحر»([4]).

وقال الفريابي: «وكان أول من غزا [يعني البحر] معاوية في زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه»([5]).

قلت: أرسل معاوية ابنه يزيد أميرًا على الجيش سنة ثنتين وخمسين (52 هــ)، حتى وصل أسوار القسطنطينية، ومعه عدد من الصحابة رضوان الله عليهم، منهم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس، وأبو أيوب الأنصاري، وقد توفي هناك، ودفن عند سورها كما أوصى يزيد بذلك.

3 ــ عن هند بنت عتبة أنها جاءت إلى النبي ﷺ فقالت: يا رسول الله، والله ما كان على ظهر الأرض أهل خباء أحب إلي من أن يذلهم الله من أهل خبائك، ثم ما أصبح اليوم على ظهر الأرض أهل خباء أحب إلي من أن يعزهم الله من أهل خبائك. فقال النبي ﷺ: «وأيضًا والذي نفسي بيده»([6]).

قال ابن كثير: «فالمدحة في قوله: «وأيضا والذي نفسي بيده»، وهو أنه ﷺ كان يَوَدُّ أن هندَ وأهلَها وكلَّ كافرٍ يذلوا في حال كفرهم، فلما أسلموا كان يحبُّ أن يعزوا، فأعزهم الله، يعني أهل خبائها»([7]).

4 ــ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: خرج معاوية رضي الله عنه على حلقة في المسجد، فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله. قال: آلله! ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك. قال: أمَا إني لم أستحلفكم تهمةً لكم، وما كان أحدٌ بمنــزلتي من رسول الله ﷺ أقل عنه حديثًا مني، وإن رسول الله ﷺ خرج على حلقة من أصحابه، فقال: ما أجْلَسَكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام، ومن به علينا. قال: «آلله! ما أجلسكم إلا ذاك؟». قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك. قال: «أما إني لم أستحلفكم تهمةً لكم، ولكنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله ¸ يباهي بكم الملائكة»([8]).

وأما الفضائل الخاصة بمعاوية؛ فهي:

1 ــ عن عبد الله بن بريدة، قال: قال معاوية: أما إنكم لا تجدون رجلًا منزلته من رسول الله ﷺ، منزلتي أقل حديثًا عنه، إني كنت ختنه([9])، وكنت في كتابه، وكنت أرحل له راحلته([10]).

2 ــ عن عبد الرحمن بن أبي عميرة، قال: إن النبي ﷺ ذكر معاوية رضي الله عنه، فقال: «اللهم اجعله هاديًا مهديًا، واهْدِ به»([11]).

3 ــ عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ وهو يدعو إلى السحور في شهر رمضان: «هَلـمَّ إلى الغداء المبارك». ثم سمعته يقول: «اللهم علم معاوية الكتاب والحساب، وقِهِ العذاب»([12]).

4 ــ عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال له: «اذهب فادعُ لي معاوية». قال ابن عباس: وكان كاتبه([13]).

5 ــ وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: إن معاوية كان يكتب بين يدي رسول الله ﷺ([14]).

6 ــ وعن سهل بن الحنظلية الأنصاري رضي الله عنه: أن عُيَيْنة والأقرع سألا رسول الله ﷺ شيئًا، فأمر معاوية أن يكتب به لهما، ففعل، وختمها رسول الله ﷺ، وأمر بدفعه إليهما.. الحديث([15]).

وكتابة معاوية للوحي؛ وائتمان النبي ﷺ عليه مشهور.

7 ــ وقد قال ﷺ: «كل سببٍ ونسبٍ منقطعٌ يوم القيامة، غير سببي ونسبي».

8 ــ عن الـمِسور، أنه بعث إليه حسن بن حسن يخطب ابنته، فقال له: قلْ له فليلقني في العَتمة. قال: فلقيه فحمد المسور الله، وأثنىٰ عليه، وقال: أما بعد، والله ما مِنْ نَسَبٍ ولا سببٍ ولا صِهْرٍ أحبّ إلي من سببكم وصهركم، ولكن رسول الله ﷺ قال: فاطمة مضغة مني؛ يقبضني ما قبضها، ويبسطني ما بسطها، وإن الأنساب يوم القيامة تنقطع غير نسبي وسببي وصهري. وعندك ابنتها، ولو زوجتك لقبضها ذلك. قال: فانطلق عاذرًا له([16]).

قلت: ولا تعارض بين الحديث إن صح، والآية الكريمة: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ﴾ [المؤمنون: 101].

والجمع يكون من عدَّة أوجه:

1 ــ أن الأنساب لا تنفع الجميع في يوم مُعَيَّن، وهو يوم النفخ في الصور.

2 ــ تكون الآية عامة، والحديث خاصاً بالمؤمنين من أقارب النبي ﷺ.

3 ــ أن المراد من الآية التهويل، وأنه لا يَلْتفت أحدٌ إلىٰ أحد.

4 ــ أن المراد أنه لا يفتخر أحد علىٰ أحد بنسبه في ذلك اليوم كما هو الحال في الدنيا([17]).

تنبيه:

قال أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم: «سمعت أبي يقول: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول: لا يصحُّ عن النبي ﷺ في فضل معاوية بن أبي سفيان شيء»([18]).

يعقوب بن الفضل ــ الراوي عن إسحاق ــ لم أجدْ فيه جرحًا ولا تعديلًا، فلا يصح النقل عن إسحاق.

وقال أبو عبد الرحمن بن منده، عن حمزة العقبي المصري وغيره أن النسائي خرج من مصر في آخر عمره إلى دمشق، فسئل بها عن معاوية وما روي في فضائله فقال: لا يرضى رأسًا برأس حتى يفضل! قال: فما زالوا يدفعون في حضنيه حتى أخرج من المسجد. ثم حمل إلى الرملة، وتوفي بها،  ورضي عنه([19]).

قال ابن عساكر: «وهذه الحكاية لا تدل على سوء اعتقاد أبي عبد الرحمن في معاوية بن أبي سفيان، وإنما تدل على الكف عن ذكره بكل حال. فقد روي عن أبي عبد الرحمن النسائي أنه سئل عن معاوية بن أبي سفيان صاحب رسول الله ﷺ؟ فقال: إنما الإسلام كدارٍ لها باب، فبابُ الإسلام: الصحابة، فمن آذى الصحابة إنما أراد الإسلام، كمن نقر الباب إنما يريد دخول الباب. قال: فمن أراد معاوية؛ فإنما أراد الصحابة»([20]).

قال أبو بكر محمد بن موسى الهاشمي: «وسمعت قومًا ينكرون عليه ــ يعني النسائي ــ كتاب الخصائص لعليٍّ رضي الله عنه، وتركه لتصنيف فضائل أبي بكر وعمر وعثمان ، ولم يكن في ذلك الوقت صنفها، فحكيت له ما سمعت؟ فقال: دخلنا إلى دمشق والمنحرف عن عليٍّ بها كثير، فصنفت كتاب الخصائص رجاء أن يهديهم الله. ثم صنف بعد ذلك فضائل أصحاب رسول الله ﷺ، وقرأها على الناس، وقيل له وأنا حاضر: ألا تُخرج فضائل معاوية؟ فقال: أي شيء أخرج، اللهم لا تشبع بطنه! وسكت، وسكت السائل»([21]).

فبيَّن الإمام النسائي أنه لم يُرِدِ الطعن في معاوية، وإنما أراد أن يخفف من غلوائهم، ويرد على تعصبهم.

 

 

([1])     أخرجه مسلم (2531).

([2])    أخرجه البخاري (2894)، ومسلم (1912)، واللفظ لمسلم.

([3])    التمهيد (1/232).

([4])    فتح الباري لابن حجر (6/102).

([5])    الشريعة للآجري (1922).

([6])    أخرجه البخاري (3825)، ومسلم (1714).

([7])    في البداية والنهاية (11/411).

([8])    أخرجه مسلم (2701).

([9])    الخَتَنُ: الصهر، أو كل من كان من قبل المرأة كالأب والأخ. انظر القاموس المحيط (ص: 1193).

([10])  قال ابن أبي عاصم: حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف، قال: أخبرنا عبد الأعلى، عن الجريري به. الآحاد والمثاني (518).

             وأبو سلمة يحيى بن خلف: صدوق، أخرج له مسلم في صحيحه. وسعيد هو ابن إياس الجريري، وكان قد اختلط، قال العجلي: «بصري ثقة واختلط بآخره»، وعبد الأعلى من أصحهم سماعا منه قبل أن يختلط بثمان سنين. تهذيب التهذيب (4/7). فالإسناد حسن.

([11])   أخرجه البخاري في التاريخ (5/240)، والترمذي (3842)، والآجري في الشريعة (1914)، والخطيب في تاريخ بغداد (1/207)، من طريق أبي مُسهر.

             وأخرجه البخاري في التاريخ (7/327)، وابن أبي عاصم (2/358)، من طريق مروان بن محمد الطاطري.

             ورواه ابن قانع (2/146)، والخلال في السنة (697)، من طريق عمر بن عبد الواحد.

             ورواه ابن عساكر (59/83)، من طريق محمد بن سليمان الحراني.

             أربعتهم: (أبو مُسهر، ومروان بن محمد الطاطري، وعمر بن عبد الواحد، ومحمد بن سليمان الحراني)، عن سعيد بن عبد العزيز، قال: أخبرنا ربيعة بن يزيد، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي عميرة، به. وسنده صحيح

             ورواه الوليد بن مسلم عن سعيد، على وجهين:

             الأول: وافق فيه الأربعة، أخرجه أحمد (4/216)، عن علي بن بحر، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا سعيد به.

             الوجه الثاني: أخرجه الطبراني في الأوسط (660)، وأبونعيم في الحلية (8/358)، من طريق زيد بن أبي الزرقاء عن الوليد بن مسلم، عن يونس بن ميسرة، عن عبد الرحمن بن عميرة. وقد وهم الوليد، وأشار إلى ذلك أبو حاتم فقال: روى مروان، وأبو مُسهر، عن سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن ابن أبي عميرة، عن معاوية قال لي النبي ﷺ: فذكره. قلت لأبي: فهو ابن أبي عميرة، أو ابن عميرة ؟ قال: لا، إنما هو ابن أبي عميرة. فسمعت أبي يقول: غلط الوليد، وإنما هو ابن أبي عميرة، ولم يسمع من النبي ﷺ هذا الحديث. علل الحديث (6/380). وقال ابن عساكر: إن رواية الجماعة هي الصواب (59/84).

             قلت: وأبو مُسهر ومن معه أوثق منه؟ على أن الوليد وافقهم في الوجه الثاني.

             * من صحح الحديث:

             قال الذهبي في تلخيص العلل المتناهية (رقم 225): «وهذا سند قوي».

             قال ابن كثير: «وقد اعتنى ابن عساكر بهذا الحديث، وأطنب فيه وأطيب وأطرب، وأفاد وأجاد، وأحسن الانتقاد، فرحمه الله، كم له من موطن قد برز فيه على غيره من الحفاظ والنقاد». البداية والنهاية (11/408).

             وأشار ابن كثير إلى قبوله بقوله: «واكتفينا بما أوردناه من الأحاديث الصحاح والحسان والمستجادات، عما سواها من الموضوعات والمنكرات».

             وانظر: السلسلة الصحيحة للألباني (1969).

             أما قول أبي حاتم: إن عبد الرحمن لم يسمع الحديث من النبي ﷺ، وهذا لا يضر في صحة الحديث، لأن أبا حاتم نفسه قد نص على صحبة ابن أبي عميرة كما في الإصابة (6/308)، وكما قال ابنه عبد الرحمن في الجرح والتعديل (5/273)، فغاية ما هنالك أن تكون روايته من مرسل صحابي، ومراسيل الصحابة مقبولة عند أهل العلم.

             وعبد الرحمن بن أبي عميرة ذكره في الصحابة جمع من أهل العلم منهم: ابن سعد، ودحيم، وأحمد، والبخاري، وبقي بن مخلد، والترمذي، وأبوحاتم، وابن السكن، وابن أبي عاصم، ويعقوب بن سفيان، والبغوي، وابن أبي حاتم، وابن حبان، وابن منده، وأبونعيم، وابن عساكر، والنووي، والمزي، والذهبي، وغيرهم.

             وانظر: مقدمة مسند بقي رقم (355)، تسمية الصحابة رقم (388)، الإصابة، المعرفة والتاريخ (1/287)، معجم الصحابة (4/489)، الجرح والتعديل (5/273)، الثقات لابن حبان (3/252)، تهذيب الأسماء واللغات (2/)407، تاريخ الإسلام (4/309).

([12])  أخرجه أحمد في المسند (4/127)، قال: حدثنا عبدالرحمن بن مهدي، عن معاوية ــ يعني ابن صالح ــ، عن يونس بن سيف، عن الحارث بن زياد، عن أبي رهم، عن العرباض بن سارية السلمي، به.

             رواه عن معاوية بن صالح جماعة من الرواة، وهم:

             1 ــ عبد الرحمن بن مهدي: كما عند أحمد، وقد مر وابن خزيمة (1938)، وابن حبان (16/192)، به.

             2 ــ عبد الله بن صالح: أخرجه الطبراني في الكبير (18/251)، والآجري في الشريعة (1913)، به.

             3 ــ قرة بن سليمان: أخرجه البزار في مسنده (4202)، به.

             4 ــ أسد بن موسى: أخرجه الطبراني في الكبير (18/251)، به.

             5 ــ بشر بن السري: أخرجه الآجري في الشريعة (1910)، وابن عدي (6/2402)، به.

             7إسناد الحديث:

             فيه الحارث بن زياد، ترجمه مغلطاي في الإكمال (3/290)، فقال: «إن ابن خزيمة وابن حبان أخرجا له في الصحيح». وذكره ابن حبان في الثقات (4/133).

             وقال البزار: «لا نعلم كبير أحد روى عنه».

             وقال أبو الحسن القطان: «حديثه حسن».

             وقال الذهبي: «مجهول». ميزان الاعتدال (2/168».

             وقال ابن عبد البر: «الحارث بن زياد مجهول لا يعرف بغير هذا الحديث». الاستيعاب (3/1420).

             ولكن قال ابن حجر: «قال أبو عمر بن عبد البر: مجهول وحديثه منكر». تهذيب التهذيب (2/142).

             وفيه أبو رهم: هو أحزاب بن أسيد السمعي، ويقال: السماعي، مختلف في صحبته، ذكره العجلي وابن حبان وابن خلفون في الثقات. الإكمال لمغلطاي (2/15)، وروى عنه جمع من الثقات. تهذيب الكمال (2/281).

             وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية: «إنه لا يصح»، وأعله بضعف معاوية بن صالح، وعبد الله بن صالح.

             وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/356): «فيه الحارث بن زياد، ولم أجد من وثقه، ولم يرو عنه غير يونس بن سيف، وبقية رجاله ثقات، وفي بعضهم خلاف».

             والحديث صححه ابن خزيمة، وابن حبان، وابن عساكر في تاريخه (59/106)، وابن كثير في البداية والنهاية (11/409)، وحسنه ابن القطان. الإكمال لمغلطاي (3/290)، وقواه الذهبي بشاهده في السير (3/124). وقال ابن حجر في الإصابة بعد ذكر الاختلاف على معاوية: «وحديث ابن مهدي في صحيح ابن حبان، وصححه الألباني في الصحيحة (3227).

             وأخرجه الإمام أحمد في فضائل الصحابة (2/913)، عن شريح بن عبيد مرسلًا، وإسناده صحيح.

             وأخرجه الحسن بن عرفة في جزئه (66)، عن شبابة بن سوار عن حريز بن عثمان

             الرحبي مرسلًا، وإسناده صحيح.

             وهذان المرسلان يقويان المرفوع، فيكون الحديث حسنًا لغيره في أقل أحواله.

([13])  أخرجه الطيالسي (4/465)، وأحمد (1/291، 335)، وصححه ابن عساكر (59/106)، والذهبي في تاريخ الإسلام (4/309)، وأصله في صحيح مسلم (2604).

([14])  أخرجه البزار (2722)، والآجري (1936)، من طريق الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن الحارث، عن أبي كثير الزبيدي، عن عبد الله به. قال الهيثمي في المجمع (9/357): رواه الطبراني، وإسناده حسن.

([15])  أخرجه أبوداود (1629)، وأحمد (4/180)، وابن شبة في أخبار المدينة (911)، وابن حبان (2/303)، (8/187)، كلهم من طريق ربيعة بن يزيد، حدثني أبو كبشة السلولي، أنه سمع سهلا به. وسنده صحيح.

([16])  أخرجه أحمد (4/323)، قال: حدثنا أبو سعيد مولىٰ بني هاشم، قال: حدثنا عبد الله ابن جعفر، قال: حدثتنا أم بكر بنت المسور بن مخرمة، عن عبيد الله بن أبي رافع، به.

             وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته علىٰ المسند (4/332)، والذي في المسند: (قال أحمد: حدثنا محمد بن عباد المكي)، والصحيح أنه خطأ مطبعي لأن أحمد لا يروي عن محمد بن عباد المكي، بل يروي عنه عبد الله. تهذيب الكمال (25/435)، والطبراني في (20/25، 26)، كلاهما من طريق محمد بن عباد المكي، عن أبي سعيد مولىٰ بني هاشم. وعند عبد الله: عن عبد الله بن جعفر، عن أم بكر، وجعفر، عن عبيد الله. فزاد (جعفرًا).

             وعند الطبراني: عن أم بكر، عن جعفر بن محمد، عن عبيد الله.

             وأخرجه الطبراني (20/27)، من طريق إبراهيم بن زكريا العبدي، عن عبد الله بن جعفر، قال: حدثتني عمتي أم بكر، أن الحسن... الحديث. ولم يذكر عبيد الله بن أبي رافع.

             وأخرجه الحاكم (3/154)، والبيهقي (7/64)، من طريق عبد الله بن جعفر الزاهري.

             وفي رواية الحاكم: عن جعفر بن محمد، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن المسور. وفي رواية البيهقي: عن أم بكر، عن المسور.

             ومن خلال النظر في تخريج هذا الحديث تبين لنا أنه جاء علىٰ ستة أوجه:

             1 ــ عبد الله بن جعفر، عن أم بكر بنت المسور، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن المسور. (أحمد).

             2 ــ عبد الله بن جعفر، عن أم بكر وجعفر، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن المسور. (عبد الله في زياداته علىٰ المسند).

             3 ــ عبد الله بن جعفر، عن جعفر، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن المسور. (الحاكم 3/154)، وذكر آخر الحديث فقط.

             4 ــ عبد الله بن جعفر، عن أم بكر، عن جعفر، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن المسور. (الطبراني).

             5 ــ عبد الله بن جعفر، عن أم بكر، عن المسور. (البيهقي).

             6 ــ عبد الله بن جعفر، عن أم بكر... وذكرت القصة. (الطبراني).

             وهذه الأوجه مدارها علىٰ عبد الله بن جعفر، واختلف عليه فيه اختلافًا شديدًا كما

             سبق. وهو عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة الزهري المخرمي:

             قال ابن معين: ليس به بأس، صدوق وليس بثبت. وقال أبو حاتم والنسائي: ليس به بأس. وقال أحمد: ليس بحديثه بأس، وقال مرة: ثقة. تهذيب الكمال (14/374)، وقال حنبل عن أحمد: ثقة ثقة. وقال ابن المديني والبخاري والترمذي والحاكم: ثقة. التهذيب (5/172، 173). أما ابن حبان فقال: كان كثير الوهم في الأخبار حتىٰ يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات... فاستحق الترك. المجروحين (2/27).

             أما الذهبي فقد ذكره في ديوان الضعفاء (2138)، وفي المغني في الضعفاء (1/334)، وقال: ثقة. وقال ابن حجر: «ليس به بأس». التقريب (3252).

             والذي يظهر من دراسة إسناد هذا الحديث أن عبد الله بن جعفر لم يضبطه، واضطرب فيه كثيرًا. وهو وإن كان ثقةً فيما يظهر لكنه ليس بثبت، ولذا لم يخرج له البخاري، وخرج له مسلم متابعةً. الميزان (2/403). ومثله لا يحتمل مثل هذا الاختلاف في إسناد الحديث، وبعيد جدا أن يكون صح عنده من هذه الأوجه الستة. بل الذي يترجح عندي أنه دخل عليه حديث في حديث.

             الأول: حديثه عن أم بكر بنت المسور، وهو حديثنا هذا دون قوله «فاطمة مضغة مني.

             الثاني: حديثه عن جعفر بن محمد، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن المسور بن مخرمة، قال: قال رسول الله: «إنما فاطمة شجنة مني...»، دون قوله: «وإن الأنساب تنقطع غير نسبي». المستدرك (3/154).

             وحديث: «فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني» مشهور من حديث عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة عند البخاري (3767)، ومسلم (2449)، ومن حديث علي بن الحسين عند مسلم (2449)، كلاهما عن المسور، به. وليس فيه قوله: إن الأنساب يوم القيامة تنقطع. والله أعلم

             وهناك احتمال آخر وهو أن الوهم إنما وقع من محمد بن عباد المكي، وذلك أنه رواه عن عبد الله بن جعفر كل من:

             أبو سعيد مولىٰ بني هاشم. مسند أحمد (4/323)، وإبراهيم بن زكريا العبدي. (الطبراني) (20/27)، وإسحاق بن محمد الفروي. البيهقي (7/64). ولم يذكر أي منهم جعفر بن محمد. وتفرد بذكره محمد بن عباد المكي. ومحمد هذا من رجال البخاري ومسلم «ذكر أسماء التابعين» للدارقطني (1/315)، (2/228)، ولكنه أيضًا ليس بثبت.

             قال أحمد: أرجو أن لا يكون به بأس، وقال مرة: يقع في قلبي أنه صدوق. وقال ابن معين: لا بأس به. وكذا قال صالح جزرة. التهذيب (9/244، 245)، ونقل ابن الجنيد

             عن ابن معين أنه قال: لا أعرفه. سؤالات ابن الجنيد (36)، وقال ابن حجر: صدوق يهم. التقريب (5993).

             ولكنه مع هذا لا يسلم عبد الله بن جعفر من الاضطراب فيه حيث ذكر عبيد الله بن أبي رافع مرةً، ومرةً لم يذكره.

             إذا تبين هذا وثبت أن هذا الحديث إنما يرويه عبد الله بن جعفر، عن أم بكر بنت المسور، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن المسور. فالنظر إذن يكون في هذا الإسناد. وأم بكر بنت المسور ذكرها الذهبي في النساء المجهولات. الميزان (4/611)، وقال ابن حجر: مقبولة. التقريب (8706).

             * درجة الحديث:

             تبين من دراسة إسناد هذا الحديث أنه ضعيف لجهالة أم بكر بنت المسور، وأما متابعة جعفر بن محمد لها فإنها لم تثبت كما مر بيانه في دراسة الإسناد. والله أعلم.

             وعن عكرمة قال: تزوج عمر بن الخطاب أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب، وهي جارية تلعب مع الجواري، فجاء إلىٰ أصحابه فدعوا له بالبركة، فقال: إني لم أتزوج من نشاط بي، ولكن سمعت رسول الله ﷺ يقول: إن كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي، فأحببت أن يكون بيني وبين نبي الله ﷺ سبب ونسب.

             أخرجه عبد الرزاق (6/163 ــ 164)، قال: عن معمر، عن أيوب، به. وفيه انقطاع، وذلك أن عكرمة لم يسمع من عمر وكذا لم يسمع من أكثر الصحابة: قال ابن المديني: لا أعلمه سمع من أحد من أزواج النبي ﷺ شيئًا. وقال أبو حاتم: لم يسمع من سعد بن أبي وقاص، ولا من عائشة. وقال أبو زرعة: عكرمة عن أبي بكر الصديق، وعن علي مرسل. جامع التحصيل (239).

             بينما أثبت له أبو حاتم السماع من عائشة في الجرح والتعديل (7/7).

             وخلاصة القول: أن عكرمة توفي سنة (105هــ)، عن ثمانين سنة. السِّير (5/34)، فيكون ولد عام (25 هــ)، وتوفي عمر سنة (23 هــ).

             وله عن عمر عدة طرق:

             1 ــ أخرجه البزار في المسند (1/397)، من طريق عبد الله بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جده، عن عمر بنحوه، بدون ذكر القصة.

             وقال البزار: رواه غير واحد عن زيد بن أسلم، عن عمر، مرسلًا، ولا نعلم أحدًا قال: عن زيد، عن أبيه، إلا عبد الله بن زيد وحده.

             قلت: أخرجه الطبراني (3/44)، وأبو نعيم «الحلية» (2/34)، من طريق الدراوردي، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، به.

             2 ــ وأخرجه سعيد بن منصور في السنن (520)، وابن سعد (8/463)، وابن أبي

             عمر في المطالب العالية (4207)، والقطيعي في زياداته على فضائل الصحابة (1069)، والحاكم (3/142)، والبيهقي (7/63 ــ 64)، من طريق جعفر بن محمد، عن أبيه، أن عمر... الحديث.

             إلا أن روايتي الحاكم والبيهقي وقع فيهما خطآن، جاء عند البيهقي (علي بن الحسن)، ولعله خطأ مطبعي؛ لأن الحديث مشهور من رواية علي بن الحسين. وجاء في روايتهما: جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده.

             وأخرجه الطبراني (3/45)، من طريق سفيان بن عيينة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، قال: سمعت عمر... الحديث.

             3 ــ وأخرجه القطيعي في زياداته علىٰ فضائل الصحابة (1070)، من طريق المستظل، وهو المستظل بن حصين، أبو الميثاء. الإكمال (7/236). أن عمر خطب إلىٰ علي... فذكره، وفيه زيادة.

             4 ــ وأخرجه الطبراني (3/45)، من طريق عبد الله بن عمر قال: سمعت عمر... فذكره.

             5 ــ وأخرجه الخطيب (6/182)، من طريق عقبة بن عامر، به. وفيه زيادة: (أن عليا أرسلها إلىٰ عمر فلما رآها قام إليها فأخذ بساقها...).

             6 ــ وأخرجه البيهقي (7/64)، من طريق حسن بن حسن، عن أبيه، أن عمر خطب إلىٰ علي...الحديث. وفيه زيادة: أن عليا قال: لحسن وحسين: زوجا عمكما. فقالا: هي امرأة من النساء تختار لنفسها. فقام علي مغضبًا، فأمسك الحسن بثوبه، وقال: لا صبر علىٰ هجرانك يا أبتاه، قال: فزوجاه. والحديث كما مر له طرق عن عمر.

             1 ــ طريق زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر: قال البزار: «هذا الحديث قد رواه غير واحد عن زيد بن أسلم عن عمر مرسلًا، ولا نعلم أحدًا قال: عن زيد، عن أبيه، إلا عبد الله بن زيد وحده». البحر الزخار (1/397).

             قلت: أخرجه الطبراني، كما مر عن الدراوردي، عن زيد بن أسلم، عن أبيه.

             وهذا الإسناد فيه عبد الله بن زيد بن أسلم، قال أحمد: «ومعن بن عيسى: ثقة».

             وقال الترمذي: «سمعت محمدًا ــ يعني: البخاري ــ يذكر عن علي بن المديني أنه قال: عبد الله بن زيد بن أسلم: ثقة. قال محمد: ولا أروي عنه شيئًا». جامع الترمذي (3/98).

             وجاء عن علي بن المديني أنه قال: «ليس في ولد زيد بن أسلم ثقة».

             وقال ابن معين ــ وقد سئل عن بني زيد بن أسلم ــ : «ليسوا بشيء ثلاثتهم». وقال أيضًا: «ليس حديثهم بشيء». وقال: «عبد الله بن زيد بن أسلم ضعيف».

             وقال الجوزجاني: «بنو زيد ضعفاء في الحديث في غير خزية في دينهم، ولا زيغ عن

             الحق في بدعة ذكرت عنهم».

             وقال ابن عدي: «هو مع ضعفه يكتب حديثه». الكامل (4/1502).

             وضعفه أبو زرعة. الميزان (2/425).

             وقال أبو حاتم: «ليس به بأس». الجرح والتعديل (5/59).

             وقال النسائي: «ليس بالقوي». المجموع في الضعفاء (144).

             وقال ابن حبان: «كان شيخًا صالحًا، كثير الخطإ، فاحش الوهم». المجروحين (2/10).

             والذي يظهر لي أنه ضعيف، وأما توثيق أحمد، وابن المديني ــ في رواية ــ، فيحمل علىٰ العدالة، بدليل أن أحمد سئل عن ولد زيد بن أسلم أيهم أحب إليك؟ قال: أسامة. الجرح والتعديل (5/59). وأحمد ضعَّف أسامة. بحر الدم (56).

             وهذا ظاهر تمامًا لمن تأمل كلام الجوزجاني. وقد ذكره الذهبي في «ديوان الضعفاء» (2175). وقال ابن حجر: «صدوق فيه لين». التقريب (3330).

             وقد تابعه الدراوردي كما مر، ولكنه من رواية جعفر بن محمد بن سليمان النوفلي، ولم أجد له ترجمة.

             وأما قول البزار: «رواه غير واحد مرسلًا»؛ فلعله في بعض الكتب المخطوطة، وذلك أني بعد بحث وسؤال أهل العلم لم أستطع أن أتوصل إلىٰ شيء من ذلك.

             2 ــ طريق محمد بن علي بن الحسين: معضل، وعند الحاكم، والبيهقي: عن علي بن الحسين، عن عمر: منقطع، فعلي بن الحسين لم يدرك عمر، وعند الطبراني: سفيان ابن عيينة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، عن عمر. رواه عن سفيان، الحسن بن سهل الحناط.

             قال الهيثمي: «ثقة». مجمع الزوائد (9/173).

             وذكره ابن حبان في الثقات (8/181)، وقال: «الخياط بالخاء المعجمة، بعدها ياء مثناة من تحت، بدل الحناط»، وذكره السمعاني الأنساب (2/274)، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.

             وخالفه سعيد بن منصور فرواه عن سفيان، عن عمرو بن دينار، عن أبي جعفر، ولم يذكر جابرًا. ومحمد بن يحيىٰ بن أبي عمر العدني فرواه عن سفيان، عن جعفر، عن أبيه، ولم يذكر جابرًا أيضًا.

             فمثله لا تحتمل منه هذه الزيادة، مع مخالفته للثقات من أصحاب سفيان، ثم إن الحديث مشهور من رواية محمد بن علي عن عمر.

             3 ــ طريق المستظل: فيه محمد بن يونس الكديمي: مُتَّهم بالكذب. الميزان (4/74).

             4 ــ طريق عبد الله بن عمر: فيه يونس بن أبي يعفور، واسمه وقدان. ضعفه ابن

             معين، وأحمد. التهذيب (11/452).

             وقال ابن حبان: «منكر الحديث». المجروحين (3/139).

             وقال ابن عدي: «هو ممن يكتب حديثه». الكامل (7/2632).

             بينما قال أبو زرعة: «صدوق». الجرح والتعديل (9/247).

             وذكره ابن حبان في الثقات (7/651).

             وسئل الدارقطني: يونس بن أبي يعفور يروي عن أبيه؟ قال: «كوفيان ثقتان». سؤالات البرقاني للدارقطني (ص: 72).

             وذكره الذهبي في ديوان الضعفاء (4842).

             وقال ابن حجر: «صدوق يخطئ كثيرًا». التقريب (7920).

             وفيه عبادة بن زياد (ويقال: عباد): قال أبو حاتم: من رؤساء الشيعة، أدركته ولم أكتب عنه، ومحله الصدق. الجرح والتعديل (6/97).

             وقال أبو داود: «صدوق». وقال موسىٰ بن هارون: «تركت حديثه». التهذيب (5/94).

             وقال ابن عدي: «من الغالين في الشيعة، وله أحاديث مناكير في الفضائل». الكامل (4/1654).

             وقال محمد بن محمد بن عمرو النيسابوري: «مجمع علىٰ كذبه».

             ورده الذهبي بقوله: «هذا قول مردود، وعبادة لا بأس به غير التشيع». «الميزان» (2/381).

             وقال ابن حجر: «صدوق رمي بالقدر والتشيع». التقريب (3128).

             5 ــ طريق عقبة بن عامر: فيه إبراهيم بن مهران بن رستم، وقيل: إبراهيم بن رستم بن مهران. الكامل (1/270).

             قال أبو حاتم: «ليس بذاك في الحديث، محله الصدق». وقال ابن معين: «ثقة». الجرح والتعديل (2/99).

             وقال ابن عدي: «ليس بمعروف، منكر الحديث عن الثقات، لا أعرف له من الحديث إلا هذين الحديثين ــ وذكر منهما هذا الحديث الذي معنا ــ.

             وقال الدارقطني: «مشهور وليس بالقوي». لسان الميزان (1/57).

             وقال العقيلي: «خراساني كثير الوهم». الضعفاء (1/52).

             وذكره ابن حبان في الثقات (8/70)، وقال: «يخطئ».

             أما الذهبي فذكر في كتابه المغني في الضعفاء (1/14) رجلين كلاهما اسمه: إبراهيم بن رستم، وقال: «يحتمل أن يكونا شخصًا واحدًا أو شخصين».

             قلت: الظاهر ــ والعلم عند الله ــ أنهما شخصان، ويدل علىٰ هذا كلام ابن عدي، حيث قال: «ليس بمعروف». والذين يترجمون لإبراهيم بن رستم يظهر من كلامهم أنه

             مشهور عندهم، ثم لم يذكر أحد منهم أنه ابن مهران. ويؤكد هذا أن الخطيب البغدادي ترجم للرجلين، فمن وثق إبراهيم هذا أراد المشهور، وهو أبو بكر الفقيه. أما صاحبنا في هذا الإسناد فهو آخر مجهول.

             6 ــ طريق حسن بن حسن، عن أبيه: فيه سفيان بن وكيع.

             قال البخاري: «يتكلمون فيه لأشياء لقنوه». التاريخ الصغير (236).

             وقال أبو زرعة: «لا يشتغل به». فقيل له: كان يتهم بالكذب؟ قال: «نعم». وقال أبو حاتم: «له وراق قد أفسد حديثه». الجرح والتعديل (4/231).

             وقال النسائي: «ليس بثقة». التهذيب (4/124).

             وقال ابن حبان: «كان شيخًا فاضلًا صدوقًا، إلا أنه ابتلي بوراق سوء كان يدخل عليه الحديث، وكان يثق به فيجيب فيما يقرأ عليه، وقيل له بعد ذلك في أشياء منها، فلم يرجع، فمن أجل إصراره علىٰ ما قيل له استحق الترك». المجروحين (1/359).

             في ضوء دراسة هذا الحديث: تبين أنه ضعيف، لانقطاعه بين عكرمة وعمر، وأما الطرق الأخرىٰ فكلها ضعيفة، لا ترتقي أن تكون شواهد له، وإن كان طريق زيد بن أسلم أمثلها.

             وعن محمد بن عباد بن جعفر، قال: سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله ﷺ: «كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري».

             أخرجه ابن عساكر (67/21)، قال: أخبرنا أبو غالب بن البنا، قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري، قال: أخبرنا أبو الفضل عبيد الله بن عبدالرحمن بن محمد الزهري، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، قال: أخبرنا سليمان بن عمر بن الأقطع، قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد السلام، عن إبراهيم بن يزيد، به.

             فيه إبراهيم بن يزيد، وهو الخوزي: قال أحمد: «متروك الحديث». وقال ابن معين: «ليس بثقة، ليس بشيء». وقال أبو زرعة وأبو حاتم: «منكر الحديث، ضعيف الحديث». وقال البخاري: «سكتوا عنه». وقال النسائي: «متروك الحديث». انظر: تهذيب الكمال (2/242).

             وفيه إبراهيم بن عبد السلام، هو المخزومي: قال ابن عدي: «ليس بالمعروف، حدث بالمناكير، وعندي أنه يسرق الحديث». الكامل (1/258).

             وقال الذهبي: «ضعيف متهم». ديوان الضعفاء (209).

             وقال ابن حجر: «ضعيف». التقريب (209).

             فالحديث واه بمرة بهذا الإسناد، لمكان إبراهيم بن يزيد، وإبراهيم بن عبد السلام.

             وعن ابن عباس: أن رسول الله ﷺ قال: «كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي».

             أخرجه الطبراني (11/243)، قال: حدثنا عيسى بن القاسم الصيدلاني البغدادي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم المروزي، قال: حدثنا موسىٰ بن عبد العزيز العدني، قال: حدثني الحكم بن أبان، عن عكرمة، به.

             وأخرجه الخطيب البغدادي (10/271)، من طريق إبراهيم الحربي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن بشر، به.

             فيه موسىٰ بن عبد العزيز العدني: قال ابن معين: «لا أرىٰ به بأسًا». وقال النسائي: «ليس به بأس». تهذيب الكمال (29/101).

             قال ابن المديني: «ضعيف». وقال السليماني: «منكر الحديث». التهذيب (10/356).

             وذكره ابن حبان في الثقات (9/159)، وقال: «ربما أخطأ».

             وذكره الذهبي في الضعفاء. المغني (2/685).

             وقال ابن حجر: «صدوق سيء الحفظ». التقريب (6988).

             والحديث ضعيف بهذا الإسناد، لمكان موسىٰ بن عبد العزيز.

             وبالنظر إلىٰ مجموع هذه الأحاديث: يظهر ــ والعلم عند الله ــ أنه ضعيف، وللحديث طرق كثيرة، جود بعضها ابن كثير، وصححه ابن السكن، والحاكم، والضياء، والذهبي، والألباني، وغيرهم.

             روى الخلال واللالكائي عن عبد الملك الميموني، قال: قلت لأحمد بن حنبل: أليس قال النبي ﷺ: كل صهر ونسب ينقطع إلا صهري ونسب؟ قال: بلى. قلت: وهذه لمعاوية؟ قال: نعم! له صهر ونسب.

([17])  انظر: روح المعاني للألوسي (10/97).

([18])  أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (59/106) وابن الجوزي في الموضوعات (2/24)، من طريق الحاكم.

([19])  سير أعلام النبلاء (14/132).

([20]) تاريخ دمشق لابن عساكر (71/175).

([21])  تهذيب الكمال (1/338).