الصحابي في اللغة:

الصحابي اسم فاعل من صَحِبَ، أي: لازم، فكلُّ مَنْ لازم شخصاً فهو صاحبه.

يقال: اسْتَصْحَبَ الرجل، أي: دعاه إلى الصُّحبة ولازَمَهُ، وكلُّ شيء لازم شيئاً فقد اسْتَصْحَبه([1]).

قال أبو بكر الباقلاني: «لا خلاف بين أهل اللغة في أن القول صحابي مشتقٌ من الصُحبة، وأنه ليس بمشتق من قدر منها مخصوص، بل هو جارٍ على كل من صَحِب غيره قليلًا كان أو كثيرًا... يقال صحبتُ فلانًا حولًا، ودهرًا، وسنةً، وشهرًا، ويومًا، وساعةً، فيوقع اسم المصاحبة بقليل ما يقع منها وكثيره»([2]).

الصحابي في الاصطلاح:

قال أبو بكر الباقلاني ــ بعد أن عرّف الصحابي في اللغة : «وذلك يوجِب في حكم اللغة: إجراءَ هذا على من صَحِبَ سيدنا رسول الله ﷺ أي قَدْرٍ من الوقت»(2).

قال الزركش: «ذهب الأكثرون إلى أن الصحابيَّ من اجتمع مؤمنًا بمحمد ﷺ وصحبه ولو ساعةً، روى عنه أو لا، لأن اللغة تقتضى ذلك، وإن كان العرف يقتضى طول الصحبة وكثرتها... وهو ما ذهب إليه جمهور الأصوليين، أما عند أصحاب الحديث فيتوسعون في تعريفهم لشرف منزلة النبي ﷺ»([3]).

قال ابن حزم: «فأما الصحابة ؛ فهم كلُّ مَن جالس النبي ﷺ ولو ساعةً، وسمع منه ولو كلمةً فما فوقها، أو شاهد منه أمرًا يعيه»([4]).

قال الحافظ ابن حجر: «هو من لقي النبي ﷺ مؤمنًا به، ومات على الإسلام، ولو تخلَّلتْ ردةٌ، في الأصح»([5]).

وذهب إليه الجمهور من الأصوليين، منهم الآمدي في الإحكام([6])، والشوكاني في إرشاد الفحول([7]).

قال الحافظ السخاوي: «والعمل عليه عند المحدثين والأصوليين»([8]).

قال السُّبكي: «والصحابي هو كل من رأى النبي ﷺ مسلمًا. وقيل: من طالت مجالسته. والصحيح الأول؛ وذلك لشرف الصحبة، وعِظَمِ رؤية النبي ﷺ، وذلك أن رؤية الصالحين لها أثر عظيم، فكيف رؤية سيد الصالحين؟! فإذا رآه مسلم ولو لحظة، انطبع قلبه على الاستقامة، لأنه بإسلامه متهيئ للقبول، فإذا قابل ذلك النور العظيم، أشرق عليه وظهر أثره في قلبه وعلى جوارحه»([9]).

 

([1])     لسان العرب (1/519)، القاموس المحيط (1/91)، الصحاح للجوهري (1/162).

([2])    ينظر: الكفاية (ص 100)، وأسد الغابة (1/119، 120).

([3])    البحر المحيط في أصول الفقه (4/301، 349).

([4])    الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (5/86).

([5])    نزهة النظر (ص111).

([6])    الإحكام للآمدي (2/84، 85).

([7])    إرشاد الفحول (1/279، 280).

([8])    ينظر: فتح المغيث للسخاوى (3/85).

([9])    الإبهاج في شرح المنهاج (1/15).