نقد مراجعة الشيعي عبدالحسين 76
28-03-2023
نقد مراجعة الشيعي عبدالحسين رقم [76]
ذكر عبدالحسين مجموعةً من الروايات يريد أن يصل من خلالها إلىٰ الطّعن في أمانة أمي أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وليت شعري لو كان يعتبرها أمّاً له كما أعتبرها أنا؛ لما تجرأ علىٰ اتّهامها ورميها بتلك الأمور التي ذكرها في مراجعته.
وكلّ اتّهاماته هـٰذه مبنيةٌ علىٰ أحاديث منكرةٍ، وأستغرب كثيراً ــ وهو العالم ــ كيف لم يعرف أنها منكرةٌ، ولكن كما قيل:
وعين الرضا عن كلّ عيبٍ كليلة
ولكن عين السخط تبدي المساويا
وهـٰذا كلّه يضرّه ولا يضرّها؛ لأنها بريئةٌ، وهو...
وحتىٰ يكون الحديث متّصلاً بما أسلف في مراجعته؛ فأعود وأقول: إنّ الأحاديث التي ذكرها ضعيفةٌ بل منكرةٌ، وأستثني منها حديثاً واحداً، وهو ما ذكره عن أمّي أمّ المؤمنين عائشة أنها قالت للنّبي : «إنّي أجد منك ريح مغافير». وهـٰذا خطأٌ وقع منها، حملها عليه شدّة غيرتها علىٰ النبي ، عفا الله عنها وغفر لها.
أمّا باقي الأحاديث؛ فها هو تخريجها من غير عاجزٍ:
[1] حديث قصّة رمي مارية بالإفك ورضا عائشة أمّ المؤمنين بذٰلك بهتانا وعدواناً في السيدة مارية وولدها إبراهيم عليه السلام، حتىٰ برأهما الله عز وجل علىٰ يد أمير المؤمنين براءة محسوسة ملموسة.
قلت: هذا حديثٌ ضعيف جداً.
أخرجه الحاكم([1])، حدثني علي بن حمشاذ العدل، حدثنا أحمد بن علي الأبار، حدثنا الحسن بن حماد سجادة، حدثني يحيىٰ بن سعيد الأموي، حدثنا أبو معاذ سليمان بن الأرقم الأنصاري، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: أهديت مارية إلىٰ رسول الله ومعها ابن عم لها، قالت: فوقع عليها وقعة فاستمرت حاملاً، قالت: فعزلها عند ابن عمها، قالت: فقال أهل الإفك والزور: من حاجته إلىٰ الولد ادعىٰ ولد غيره، وكانت أمه قليلة اللبن فابتاعت له ضائنة لبون فكان يغذىٰ بلبنها، فحسن عليه لحمه. قالت عائشة رضي الله عنها: فدخل به علىٰ النبي ذات يوم فقال: «كيف ترين؟» فقلت: من غذي بلحم الضأن يحسن لحمه، قال: «ولا الشبه» قالت: فحملني ما يحمل النساء من الغيرة أن قلت: ما أرىٰ شبهاً. قالت: وبلغ رسول الله ما يقول الناس فقال لعلي: «خذ هذا السيف فانطلق فاضرب عنق ابن عم مارية حيث وجدته». قالت: فانطلق فإذا هو في حائط علىٰ نخلة يخترف رطباً. قال: فلما نظر إلىٰ علي ومعه السيف استقبلته رعدة، قال: فسقطت الخرقة، فإذا هو لم يخلق الله عز وجل له ما للرجال شيء ممسوح.
فيه: سليمان بن أرقم، قال ابن معينٍ: «ليس يسوى فلساً»([2]). وقال البخاري: «تركوه»([3]). وقال النسائي: «متروك»([4]). وقال أبو داود والدّارقطني: «متروكٌ»([5]). وقال ابن عدي: «وعامّة ما يرويه لا يتابعه عليه أحدٌ»([6]).
قال الألباني: «ضعيف جداً.. سكت عنه الحاكم والذهبي، ولعلّه لظهور ضعفه؛ فإنّ سليمان بن الأرقم متّفقٌ بين الأئمّة علىٰ تضعيفه، بل هو ضعيف جداً.. قلت: وللحديث أصلٌ صحيحٌ، زاد عليه ابن الأرقم هذا زياداتٍ منكرةً، تدلّ علىٰ أنه سيء الحفظ جداً، أو أنه يتعمّد الكذب والزيادة؛ لهوًىٰ في نفسه، ثمّ يحتجّ بها أهل الأهواء، فأنا أسوق لك النّصّ الصّحيح للحديث([7])؛ ليتبين لك تلك الزيادات المنكرة، فروىٰ ثابتٌ عن أنسٍ: أنّ رجلاً كان يتّهم بأمّ ولد رسول الله ، فقال رسول الله لعلي: «اذهب فاضرب عنقه». فأتاه علي، فإذا هو في ركي يتبرّد فيها، فقال له علي: اخرج، فناوله يده فأخرجه، فإذا هو مجبوبٌ ليس له ذكرٌ، فكفّ علي عنه، ثمّ أتىٰ النبي ، فقال: يا رسول الله! إنّه لمجبوبٌ ما له ذكرٌ»([8]).