المراجعة المنسوبة لشيخ الأزهر سليم البشري رقم [75]

17 صفر سنة 1330 هـ

المحور الذي يدور عليه كلامكم مع أم المؤمنين في حديثها الصريح بعدم الوصية أمران:

أحدهما: إن انحرافها عن الإمام يأبىٰ عليها ــ فيما زعمتم ــ إلا نفي الوصية إليه، والجواب: أن المعروف من سيرتها أنها لا تستسلم في حديثها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلىٰ العاطفة، ولا تراعي فيه الغرض، فلا تتهم فيما تنقله عن النبي سواء عليها أكان ذلك خاصاً بمن تحب، أم كان خاصاً بمن تبغض، وحاشا لله أن تستحوذ عليها الأغراض، فتحدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بغير الواقع، إيثاراً لغرضها علىٰ الحق.

الثاني: أن العقل بمجرده يمنع ــ فيما زعمتم ــ من تصديق هذا الحديث لامتناع مؤداه عقلاً، فإنه لا يجوز علىٰ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أن يترك دين الله عز وجل وهو في أول نشأته، وعباد الله تعالىٰ وهم، في أول فطرتهم الجديدة، ثم يرتحل عن غير وصي يعهد إليه بأمورهم، والجواب أن هذا مبني علىٰ الحسن والقبح العقليين، وأهل السنة لا يقولون بهما، فإن العقل عندهم لا يقضي بحسن شيء ما أصلاً، ولا بقبح شيء ما علىٰ الإطلاق، وإن الحاكم بالحسن والقبح في جميع الأفعال إنما هو الشرع لا غير، فما حسنه الشرع فهو الحسن وما قبّحه فهو القبيح، والعقل لا معوّل عليه في شيء من ذلك بالمرة.

أما ما أشرتم إليه ــ في آخر المراجعة 74. من معارضة أم المؤمنين في دعواها، بأن النبي قضىٰ وهو في صدرها، فلا نعرف مما يعارضها حديثاً واحداً من طريق أهل السنة، فإذا كان لديكم شيء منه فتفضلوا به، والسلام. «س».