نقد مراجعة الشيعي عبدالحسين 68
28-03-2023
نقد مراجعة الشيعي عبدالحسين رقم [68]
جاءنا عبدالحسين بسيلٍ جديدٍ من أدلّته علىٰ وصية النبي لعلي، وظننتها مما تشفي العليل وتروي الغليل، فلمّا تدبّرتها؛ فإذا أكثرها سبق أن ذكره وقد بينت حاله صحّةً وضعفاً، ولا بأس بالتذكير برتبها بإيجازٍ. بيد أنه قد ذكر جديداً؛ فحقّ أن ننظر فيه، وإلي عالم الحقيقة نمضيه، وأبدأ ــ مستعيناً بالله تعالىٰ ــ فأقول:
[1] حديث: أخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم برقبة علي وقال: «هذا أخي ووصيي، وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا».
قلت: هـٰذا حديثٌ موضوع؛ ويسمّىٰ عندهم بحديث «الإنذار يوم الدّار»، وقد مرّ تخريجه في المراجعة رقم (20).
* * *
[2] حديث بريدة، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لكل نبي وصي ووارث، وإن وصيي ووارثي علي بن أبي طالب».
قلت: هـٰذا حديثٌ موضوع.
أخرجه ابن عدي([1])، من طريق علي بن سهلٍ، حدثنا محمد بن حميدٍ: حدثنا سلمة، حدّثني محمد بن إسحاق، عن شريك بن عبدالله، عن أبي ربيعة الإيادي، عن ابن بريدة، عن أبيه مرفوعاً.
وأورده ابن الجوزي في «الموضوعات»، وقال: «الرّازي؛ كذّبه أبو زرعة وغيره»([2]). قلت: هو محمد بن حميدٍ الرازي؛ قال أبو زرعة وابن خراشٍ: «كذّابٌ». وقال النّسائي: «ليس بثقةٍ»([3]).
ومحمد بن إسحاق مدلس ولم يصرح بالسماع.
وفيه شريك بن عبد الله النخعي القاضي، وهو سيء الحفظ، وذكر الذهبي هذا الحديث من طريق الرّازي عن سلمة به وقال عن الحديث: «هذا كذبٌ، ولا يحتمله شريكٌ»([4]).
* * *
[3] حديث سلمان الفارسي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن وصيي وموضع سري، وخير من أترك بعدي، ينجز عدتي ويقضي ديني، علي بن أبي طالب».
قلت: هـٰذا حديثٌ ضعيف جداً؛ وقد تقدّم تخريجه في المراجعة (34)، الحديث (10).
* * *
[4] حديث أنس: قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب إمام المتقين، وسيد المسلمين، ويعسوب الدين، وخاتم الوصيين، وقائد الغر المحجلين..».
قلت: هـٰذا حديثٌ موضوع؛ تقدّم تخريجه في المراجعة (48)، الحديث (5).
* * *
[5] حديث أبي أيوب الأنصاري عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «يا فاطمة، أما علمت أن الله عز وجل اطلع علىٰ أهل الأرض فاختار منهم أباك فبعثه نبياً، ثم اطلع الثانية، فاختار بعلك، فأوحىٰ إلي، فأنكحته واتخذته وصياً».
قلت: هـٰذا حديثٌ موضوع؛ تقدّم تخريجه في المراجعة (48)، الحديث (28).
* * *
[6] حديث ابن عباس، قال: لما زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة من علي، قالت فاطمة: يا رسول الله زوجتني من رجل فقير ليس له شيء؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أما ترضين أن الله اختار من أهل الأرض رجلين، أحدهما أبوك، والآخر بعلك؟».
قلت: هـٰذا حديثٌ موضوع؛ تقدّم تخريجه في المراجعة (48)، الحديث (28).
* * *
[7] حديث أبي هريرة، قال: قالت فاطمة: يا رسول الله زوجتني من علي وهو فقير لا مال له؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: «يا فاطمة أما ترضين أن الله ، اطلع إلىٰ أهل الأرض فاختار رجلين، أحدهما أبوك والآخر بعلك». ـ
قلت: وهـٰذا حديثٌ موضوع؛ تقدّم تخريجه في المراجعة (48)، الحديث (28).
* * *
[8] حديث ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أما ترضين أني زوجتك أول المسلمين إسلاماً، وأعلمهم علماً، وأنك سيدة نساء أمتي، كما سادت مريم نساء قومها، أما ترضين يا فاطمة أن الله اطلع علىٰ أهل الأرض فاختار منهم رجلين، فجعل أحدهما أباك، والآخر بعلك».
قلت: وهـٰذا حديثٌ موضوع؛ تقدّم تخريجه في المراجعة (48)، الحديث (28).
* * *
[9] حديث معقل بن يسارٍ: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عاد فاطمة في مرض أصابها علىٰ عهده، فقال لها: «كيف تجدينك؟». قالت: والله لقد اشتد حزني، واشتدت فاقتي، وطال سقمي. قال صلى الله عليه وآله وسلم: «أو ما ترضين أني زوجتك أقدم أمتي سلماً، وأكثرهم علماً، وأعظمهم حلما؟».
قلت: وهـٰذا حديثٌ موضوع؛ تقدّم تخريجه في المراجعة (48)، الحديث (28).
وبعد؛ قد تبين أنّ الأحاديث التي زادها عبدالحسين ضعيفةٌ مردودةٌ لا تقوىٰ علىٰ تشييد عقيدةٍ ولا تثبيت حقيقةٍ.
هذا، وقد صحّ عندنا (ثلاثة أحاديث) تردّ القول بالوصية:
الحديث الأول: حديث عائشة؛ لمّا ذكروا أنّ علياً كان وصيا. فقالت: متىٰ أوصىٰ إليه؟ فقد كنت مسندته إلىٰ صدري ــ أو قالت: حجري ــ فدعا بالطّست، فلقد انخنث في حجري وما شعرت أنه مات، فمتىٰ أوصىٰ إليه؟»([5]).
الحديث الثّاني: حديث طلحة بن مصرّفٍ، قال: سألت عبد الله بن أبي أوفىٰ: هل كان النبي أوصىٰ؟ فقال: لا. فقلت: كيف كتب علىٰ النّاس الوصية ــ أو أمروا بالوصية ــ ؟ قال: أوصىٰ بكتاب الله([6]).
الحديث الثّالث: حديث علي لّما قيل له: هل عندكم شيءٌ من الوحي إلّا ما في كتاب الله؟ قال: والذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة! ما أعلمه، إلّا فهماً يعطيه الله رجلاً في القرآن، وما في هـٰذه الصّحيفة. قلت: وما في الصّحيفة؟ قال: العقل([7])، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلمٌ بكافرٍ([8]).
وقوله: «وهل يمكن أن تكون طاعة ذلك المتولي واجبة على هذا الذي اختاره الله كما اختار نبيه»؛ يرد عليه بأن علياً نفسه بايع أبا بكر وعمر وعثمان وكان مطيعاً لهم.
وكذلك الحسن والحسين أطاعاهم وأطاعا معهم معاوية، فتأمل.
([2]) «ميزان الاعتدال» (7453).
([3]) «ميزان الاعتدال» (3/350).
([4]) «ميزان الاعتدال» (2/273).
([5]) أخرجه البخاري (4459)، ومسلم (1257، 1636) واللفظ له.
([7]) قال ابن الأثير: «أمّا العقل: فهو الدّية، وأصله: أنّ القاتل كان إذا قتل قتيلاً؛ جمع الدّية من الإبل، فعقلها بفناء أولياء المقتول: أي شدها في عقلها ليسلمها إليهم». «النهاية» (3/278).