من أراد أن ينظر إلىٰ نوح في عزمه
26-03-2023
[34] حديث: «من أراد أن ينظر إلىٰ نوح في عزمه، وإلىٰ آدم في علمه، وإلىٰ إبراهيم في حلمه، وإلىٰ موسىٰ في فطنته، وإلىٰ عيسىٰ في زهده، فلينظر إلىٰ علي بن أبي طالب».
قال عبدالحسين: «أخرجه البيهقي في صحيحه، والإمام أحمد بن حنبل في مسنده».
قلت: هذا حديثٌ موضوع؛ لم أجد هذا الحديث عند أحمد في «المسند» كما ذكر، ولا عند البيهقي في «صحيحه» علىٰ حدّ قوله، مع أنه ليس للبيهقي كتابٌ يوصف بالصحيح.
أخرجه ابن عساكر([1]) من طريق أبي جعفرٍ أحمد بن محمد بن سعيدٍ: أخبرنا محمد بن مسلم بن وارة: أخبرنا عبيد الله بن موسىٰ العبسي: أخبرنا أبو عمرٍو الأزدي، عن أبي راشدٍ الحبراني، عن أبي الحمراء مرفوعاً: «من أراد أن ينظر إلىٰ آدم في علمه، وإلىٰ نوحٍ في فهمه، وإلىٰ إبراهيم في حلمه، وإلىٰ يحيىٰ بن زكريا في زهده، وإلىٰ موسىٰ في بطشه، فلينظر إلىٰ علي بن أبي طالبٍ».
قال الألباني([2]): «وأبو عمرٍو هذا؛ لم أعرفه!.. فيحتمل أنه حفص بن سليمان أبو عمر البزّاز الكوفي الأسدي؛ فإنهم كثيراً ما يبدلون الزّاي من السّين كما في «أنساب السّمعاني»، ثمّ هو إلىٰ ذلك معروفٌ بشدّة الضّعف، حتىٰ كذّبه السّاجي وغيره([3]).
والحديث ذكره الشّوكاني في «الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة»([4])، وذكره ابن الجوزي في «الموضوعات»([5]).
وله شاهد من حديث أنسٍ نحوه مرفوعاً؛ أخرجه ابن عساكر([6]) من طريق أبي أحمد العباس بن الفضل بن جعفرٍ المكّي: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الدّبري ــ بصنعاء سنة إحدىٰ وسبعين ومئتين ــ: أخبرنا عبدالرزاق، عن حمّاد بن سلمة، عن ثابتٍ، عن أنسٍ قال: كان النبي إذا أراد أن يشهر علياً في موطنٍ أو مشهدٍ؛ علا علىٰ راحلته، وأمر الناس أن ينخفضوا دونه، وإنّ رسول الله شهر علياً يوم خيبر، فقال: بلفظ: «يا أيها الناس! من أحبّ أن ينظر إلىٰ آدم في خلقه، وأنا في خلقي، وإلىٰ إبراهيم في خلّته، وإلىٰ موسىٰ في مناجاته، وإلىٰ يحيىٰ في زهده، وإلىٰ عيسىٰ في سمته؛ فلينظر إلىٰ علي بن أبي طالبٍ، إذا خطر بين الصّفّين؛ كأنما يتقلّع من صخرٍ، أو يتحدّر من دهرٍ. يا أيها الناس! امتحنوا أولادكم بحبّه؛ فإنّ علياً لا يدعو إلىٰ ضلالةٍ، ولا يبعد عن هدًىٰ، فمن أحبّه فهو منكم، ومن أبغضه فليس منكم».
وقال ابن عساكر: «هذا حديثٌ منكر، وأبو أحمد المكّي مجهولٌ».
قال الألباني: «وهذا الرّجل ممّا أغفلوه؛ فلم يذكره الذهبي ولا العسقلاني في كتابيهما، لا في الأسماء ولا في الكنىٰ! وإسحاق الدّبري([7]) فيه ضعفٌ»([8]).
([2]) «السلسلة الضعيفة» (10/545 ــ 548).