نقد مراجعة الشيعي عبدالحسين رقم [22]

ذكر عبدالحسين في هذه المراجعة عدّة مزاعم باطلة:

أولا: ذكر إسناد الحديث من «مسند أحمد» وهو: أسود بن عامر، عن شريك، عن الأعمش، عن المنهال، عن عبّاد بن عبد الله الأسدي، عن علي مرفوعاً.

وهو بهذا يدلّس ويوحي للقارئ غير المتخصّص إن مجرّد وجود الحديث في «المسند» أو في غيره ــ عدا الصّحيحين ــ كاف في ثبوته وصحّته! فإن كان ذٰلك كذٰلك؛ فعليه الالتزام والقبول بكل مرويات «المسند» التي جاء فيها أصول الدين وفروعه عند أهل السُّنة والجماعة وفضائل أمّهات المؤمنين والصّحابة.

أمّا الاحتجاج ببعض مرويات «المسند» وترك البعض الآخر وفق الأهواء والرّغبات ودون التّقيد بصحّة الإسناد؛ فليس ذلك من سبيل المتّقين الباحثين عن الحقيقة بتجرّد وإنصاف.

ثانياً: اتّهم الشّيخين الجليلين البخاري ومسلماً ــ رحمهما الله تعالىٰ ــ بأنهما تركا إخراج هـٰذا الحديث؛ لأنه يصادم رأيهما، وهذا باطلٌ من القول وزورٌ.

ثالثاً: لم يكتف باتّهامه للشّيخين الجليلين بكتم العلم؛ بل زاد، فزعم إن كثيراً من شيوخ أهل السُّنة كانوا علىٰ هـٰذه الوتيرة، يكتمون ــ علىٰ علم ــ كل ما كان من هـٰذا القبيل.

وردّاً علىٰ هـٰذه الافتراءات الثلاثة أقول ــ مستعيناً بالله ــ:

أوردها سعــدٌ وسعدٌ مشتــمل             ماهـٰــكذا تــورد يا سعــد الإبــل

أولاً: أمّا مجرّد وجود الحديث في «مسند الإمام أحمد» مسنداً؛ فلا حجّة فيه؛ لأن عبّاد بن عبد الله الأسدي الكوفي ضعيف متّهمٌ بالوضع، وتقدّم بيان ذلك([1]).

وقد حاول عبدالحسين أن يلبّس علىٰ القراء بقوله في الحاشية: «هو عبّاد ابن عبد الله بن الزّبير بن العوّام القرشي الأسدي، احتجّ به البخاري ومسلمٌ في صحيحيهما»؛ فهـٰذا غير صحيح؛ بل هما رجلان مختلفان:

الأول: ضعيف كما ذكرت سابقاً.

والثّاني: الزّبيري، وهو ثقةٌ أخرج له الشّيخان، ولكن تشابه اسماهما، وأظنّ إن ذلك لا يخفىٰ عليه. فوقع هو فيما اتّهم به الإمامين الجليلين البخاري ومسلماً، رمتني بدائها وانسلّت.

وقد ترجم للرّجلين الحافظ المزّي في «تهذيب الكمال»، والحافظ ابن حجر العسقلاني في «تهذيب التّهذيب» وغيرهما من أهل العلم، وفرقوا بينهما([2])، وخلاصة ذٰلك:

إن عبّاد بن عبد الله بن الزّبير ثقةٌ من رجال «الصّحيحين»، ولم يرو عن علي، ولا روىٰ عنه المنهال.

وأمّا عبّاد بن عبد الله الأسدي ــ وهو الذي في هـٰذا الإسناد ــ؛ فضعيف، ولم يخرّج الشّيخان له، وهو الذي يروي عن علي رضي الله عنه، وروىٰ عنه المنهال. والأئمّة المتقدّمون مجمعون علىٰ تضعيف عبّاد الأسدي([3]).

وأمّا شريك بن عبد الله وهو القاضي النّخعي؛ فإنما أخرج له مسلمٌ متابعةً، وليس احتجاجاً، وهناك فرقٌ بين من يخرّج له صاحبا «الصّحيح» علىٰ الانفراد وهو الحجّة عندهما، وبين من يخرّجا له متابعةً.

فالحديث إذاً ضعيف، وقد تقدّم أيضاً بيان ذلك باستفاضة، فأين الصّحّة المزعومة، فضلاً عن التواتر؟

ثانياً: أمّا اتّهامه للإمامين الجليلين البخاري ومسلم رحمهما الله تعالىٰ؛ بأنهما تركا إخراج هـٰذا الحديث؛ لأنه يصادم رأيهما؛ فهو اتّهامٌ دون حجّة، ولا ريب إنهما خصماه يوم القيامة. ولينظر القارئ المنصف كيف حاد عن الإنصاف وتغافل عمّا رواه الشّيخان في «الصّحيحين» من فضائل أهل البيت رضي الله عنهم، وها هو بيانٌ بذلك:

ما جاء في فضل علي رضي الله عنه: ففي «صحيح البخاري»: سبعة أحاديث من (3701) إلىٰ (3707). وفي «صحيح مسلم»: ستة أحاديث من (2404) إلىٰ (2409).

وما جاء في فضل فاطمة رضي الله عنها: في «البخاري»: أربعة أحاديث وهي (3767، 3714، 3715، 3716). وفي «مسلم» حديثان: (2449، 2450).

ما جاء في فضل الحسن والحسين: في «البخاري»: ثمانية أحاديث من (3746) إلىٰ (3753). وفي «مسلم»: ثلاثة أحاديث من (2421) إلىٰ (2423).

ما جاء في فضل أهل البيت عموماً: في «البخاري»: (3713). وفي «مسلم»: (2424). هـٰذا عدا ما روياه من فضائل أزواجه  وسائر قرابته كجعفر والعبّاس وابن العبّاس وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين.

ثالثاً: أمّا اتّهامه للكثير من أئمّة وشيوخ أهل السُّنة بما اتّهم به البخاري ومسلماً؛ فهو أيضاً اتّهامٌ دون حجّة، والله الحكم بينهم وبينه. وقد تغافل أيضاً عمّا رواه هؤلاء الأئمّة في مصنّفاتهم من فضائل أهل البيت وهي ميسورةٌ لا يصعب الوقوف عليها، فلينظرها من شاء.

ولم ينكر شيخ الأزهر علىٰ عبدالحسين طعنه في أئمة أهل السنة، مما يؤكد تلفيق هذه المراجعات.

 

([1])        ومثل عبدالحسين يعلم ذلك، ولكنه يفتري الكذب.

([2])       انظر المراجعة رقم (20).

([3])       انظر المراجعة رقم (2).