مراجعة الشيعي عبدالحسين 14
24-03-2023
مراجعة الشيعي عبدالحسين رقم [14]
24 ذي القعدة سنة 1329 هـ
الجواب أن قياس هـٰذا المعترض باطل، وشكله عقيم، لفساد كل من صغراه وكبراه.
أما الصغرىٰ وهي قوله: «إن الذين رووا نزول تلك الآيات إنما هم من رجال الشيعة» فواضحة الفساد، يشهد بهـٰذا ثقات أهل السنّة الذين رووا نزولها فيما قلناه، ومسانيدهم تشهد بأنهم أكثر طرقاً في ذٰلك من الشيعة كما فصلناه في كتابنا «تنزيل الآيات الباهرة في فضل العترة الطاهرة»، وحسبك «غاية المرام» المنتشر في بلاد الإسلام.
وأما الكبرىٰ وهي قوله: «إن رجال الشيعة لا يحتج أهل السنّة بهم» فأوضح فساداً من الصغرىٰ؛ تشهد بهـٰذا أسانيد أهل السنّة وطرقهم المشحونة بالمشاهير من رجال الشيعة، وتلك صحاحهم الستة وغيرها تحتج برجال من الشيعة، وصمهم الواصمون بالتشيع والانحراف، ونبزوهم بالرفض والخلاف، ونسبوا إليهم الغلو والإفراط والتنكب عن الصراط، وفي شيوخ البخاري رجال من الشيعة نبزوا بالرفض، ووصموا بالبغض، فلم يقدح ذٰلك في عدالتهم عند البخاري وغيره، حتىٰ احتجوا بهم في الصحاح بكل ارتياح، فهل يصغىٰ بعد هـٰذا إلىٰ قول المعترض: «إن رجال الشيعة لا يحتج أهل السنّة بهم» كلا.
ولكنّ المعترضين لا يعلمون، ولو عرفوا الحقيقة لعلموا أن الشيعة إنما جروا علىٰ منهاج العترة الطاهرة، واتسموا بسماتها، وأنهم لا يطبعون إلا علىٰ غرارها، ولا يضربون إلا علىٰ قالبها، فلا نظير لمن اعتمدوا عليه من رجالهم في الصدق والأمانة، ولا قرين لمن احتجوا به من أبطالهم في الورع والاحتياط، ولا شبيه لمن ركنوا إليه من أبدالهم في الزهد والعبادة وكرم الأخلاق، وتهذيب النفس ومجاهدتها ومحاسبتها بكل دقة آناء الليل وأطراف النهار، لا يبارون في الحفظ والضبط والإتقان، ولا يجارون في تمحيص الحقائق والبحث عنها بكل دقة واعتدال، فلو تجلت للمعترض حقيقتهم ــ بما هي في الواقع ونفس الأمر ــ لناط بهم ثقته، وألقىٰ إليهم مقاليده، لكن جهله بهم جعله في أمرهم كخابط عشواء، أو راكب عمياء في ليلة ظلماء، يتهم ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني، وصدوق المسلمين محمد بن علي بن بابويه القمي، وشيخ الأمة محمد بن الحسن بن علي الطوسي، ويستخف بكتبهم المقدسة ــ وهي مستودع علوم آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ــ ويرتاب في شيوخهم أبطال العلم وأبدال الأرض، الذين قصروا أعمارهم علىٰ النصح لله تعالىٰ ولكتابه ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم ولأئمة المسلمين ولعامتهم.
وقد علم البر والفاجر حكم الكذب عند هـٰؤلاء الأبرار، والألوف من مؤلفاتهم المنتشرة تلعن الكاذبين، وتعلن أن الكذب في الحديث من الموبقات الموجبة لدخول النار، ولهم في تعمد الكذب في الحديث حكم قد امتازوا به حيث جعلوه من مفطرات الصائم، وأوجبوا القضاء والكفارة علىٰ مرتكبه في شهر رمضان، كما أوجبوهما بتعمد سائر المفطرات، وفقههم وحديثهم صريحان بذٰلك، فكيف يتهمون بعد هـٰذا في حديثهم، وهم الأبرار الأخيار، قوامون الليل صوامون النهار. وبماذا كان الأبرار من شيعة آل محمد وأوليائهم متهمين، ودعاة الخوارج والمرجئة والقدرية غير متهمين لولا التحامل الصريح، أو الجهل القبيح. نعوذ بالله من الخذلان، وبه نستجير من سوء عواقب الظلم والعدوان، ولا حولا ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والسلام.