[37] ﴿هَذَانِ خَصْمَانِ ٱخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَٱلَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ ٱلْحَمِيمُ﴾  [الحَجّ: 19].

القول الصّواب في تأويل هذه الآية:

قال الطّبري ــ بعد أن ساق عدّة تأويلات ــ: «وأولىٰ هذه الأقوال عندي بالصّواب وأشبهها بتأويل الآية قول من قال: عنىٰ بالتّخصيص جميع الكفّار من أي أصناف الكفر كانوا، وجميع المؤمنين. وإنما قلت ذٰلك أولىٰ بالصواب؛ لأنه تعالىٰ ذكره ذكر قبل ذٰلك صنفين من خلقه: أحدهما أهل طاعة له. والآخر أهل معصية له قد حقّ عليه العذاب، فقال تعالىٰ: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي ٱلْأَرْضِ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ وَٱلنُّجُومُ وَٱلْجِبَالُ وَٱلشَّجَرُ وَٱلدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ ٱلنَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ ٱلْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ﴾  [الحَجّ: 18].

ثمّ أتبع ذٰلك صفة الصّنفين كليهما وما هو فاعلٌ بهما، فقال تعالىٰ: ﴿هَذَانِ خَصْمَانِ ٱخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَٱلَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ ٱلْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَٱلْجُلُودُ وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ﴾ .

ثمّ قال الطّبري عن سبب نزول الآية في مبارزة يوم بدر علي وحمزة وعبيدة من طرف، وعتبة وشيبة والوليد من طرف آخر، فقال: «قد تنزل الآية بسبب من الأسباب، ثمّ تكون عامّةً في كل ما كان نظير ذٰلك السّبب، وهـٰذه من تلك، وذٰلك إن الذين تبارزوا إنما كان أحد الفريقين أهل شرك وكفر بالله، والآخر أهل إيمان بالله وطاعة له»([1]).

قلت: والحديث في سبب نزول هـٰذه الآية مخرّجٌ في «الصّحيحين» من حديث أبي ذرّ([2]).

وفي «البخاري» أيضاً من حديث علي أنه قال: «أنا أوّل من يجثو بين يدي الرّحمن للخصومة يوم القيامة». وقال قيس بن عباد [الراوي عن علي]: وفيهم أنزلت: ﴿ هَذَانِ خَصْمَانِ ٱخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ﴾ . قال: هم الّذين تبارزوا يوم بدر: حمزة وعلي وعبيدة، وشيبة بن ربيعة وعتبة([3]) والوليد بن عتبة»([4]).

فهـٰذه الآية في فضائل علي وحمزة وعبيدة، ولا شأن لها بما يدّعيه الشيعي من الإمامة.

 

([1])        «جامع البيان» (16/493 ــ 494).

([2])       «صحيح البخاري» (3966)، «صحيح مسلم» (3033).

([3])       ابن ربيعة.

([4])       «صحيح البخاري» (3965).