[26] ﴿ وَعَلى ٱلْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ﴾  [الأعرَاف: 46].

أمّا استدلاله بهذه الآية؛ فأقول: لو قرأ عبد الحسين الآيات التي قبل هذه الآية والآيات التي بعدها قراءة تدبّر؛ لعلم أنه خاض في أمر ما كان له أن يخوضه.

وذٰلك أن الله تعالىٰ يتكلم عن أصحاب الجنّة وأصحاب النّار، وذكر صنفاً ثالثاً بينهما وهم أهل الأعراف، قال تعالىٰ: ﴿ وَنَادَى أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَابَ ٱلنَّارِ﴾  [الأعرَاف: 44].

ثمّ قال تعالىٰ ذكره: ﴿وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلى ٱلْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ﴾  [الأعرَاف: 46-47]

القول الصّواب في تأويل هذه الآية:

قال الشّوكاني رحمه الله: «اختلف العلماء في أصحاب الأعراف: من هم؟ فقيل: هم الشّهداء.. وقيل: هم فضلاء المؤمنين.. وقيل: هم الأنبياء.. وقيل: قومٌ استوت حسناتهم وسيئاتهم.. وقيل: هم العبّاس وحمزة وعلي وجعفرٌ الطّيار.. وقيل: هم الملائكة»([1]).

ونلحظ في قول الشّوكاني: «وقيل: هم العبّاس وحمزة وعلي وجعفرٌ الطّيار»:

أوّلاً: أخّر هذا القول ولم يصدّر به كلامه.

وثانياً: لم يخصّ الاثني عشر، بل ذكر العبّاس وحمزة وجعفراً مع علي رضي الله عنهم جميعاً.

وقال الزّمخشري: «رجالٌ من المسلمين، من آخرهم دخولاً في الجنّة لقصور أعمالهم، كأنهم المرجون لأمر الله، يحبسون بين الجنّة والنّار إلىٰ أن يأذن الله لهم في دخول الجنّة»([2]).

وقال أبو السّعود: «طائفةٌ من الموحّدين قصّروا في العمل، فيجلسون بين الجنّة والنّار حتّىٰ يقضي الله تعالىٰ فيهم ما يشاء. وقيل: قومٌ علت درجاتهم كالأنبياء والشّهداء والأخيار والعلماء من المؤمنين، أو ملائكةٌ يرون في صور رجال»([3]).

 

([1])        «فتح القدير» (2/236 ــ 237).

([2])       «الكشاف» (2/7).

([3])       «إرشاد العقل السليم إلىٰ مزايا القرآن الكريم» (3/330).