[15] ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ ٱهْتَدَى﴾  [طٰه: 82].

القول الصّواب في تأويل هذه الآية:

قال الطّبري رحمه الله: «قال ابن عبّاس: ﴿ لِمَنْ تَابَ﴾ من الشّرك. وُ!ِ: وحّد الله .

﴿ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ : أدّىٰ فرائضي. ثمّ ذكر الطّبري في معنىٰ ﴿ ثُمَّ ٱهْتَدَى﴾ أقوالاً كثيرةً، منها: علم أن لعمله ثواباً، ولم يشكّ، ولزم السُّنة والجماعة، ولزم الإسلام، واهتدىٰ كيف يعمل، واهتدىٰ إلىٰ ولاية أهل بيت النّبي .

ثمّ قال: «وإنما اخترنا القول الذي اخترنا في ذٰلك؛ من أجل إن الاهتداء هو الاستقامة علىٰ هدًىٰ، ولا معنىٰ للاستقامة عليه إلّا وقد جمعه الإيمان والعمل الصّالح والتّوبة، فمن فعل ذٰلك وثبت عليه؛ فلا شكّ في اهتدائه»([1]).

وأمّا القرطبي؛ فذكر إن معنىٰ ﴿تَابَ﴾ أي: من الشّرك. ﴿ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ عدّة معان: التّوفيق، لزوم الإسلام، الثّواب، اهتدىٰ كيف يعمل، استقام، أقام علىٰ السُّنة([2]).

وقال ابن كثير:«﴿تَابَ﴾ أي: رجع عمّا كان فيه من كفر، أو شرك، أو نفاق، أو معصية. و﴿آمَنَ﴾ أي: بقلبه. ﴿ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ أي: بجوارحه. ﴿ ثُمَّ ٱهْتَدَى﴾ لم يشكّ، أو استقام علىٰ السُّنة قاله غير واحد من السّلف، أو لزم الإسلام حتّىٰ يموت، أو علم إن لهـٰذا ثواباً»([3]).

وقال الألوسي: «﴿ ثُمَّ ٱهْتَدَى﴾ أي: لزم الهدىٰ واستقام عليه إلىٰ الموافاة.. وروىٰ الإمامية من عدّة طرق عن أبي جعفر الباقر رضي الله عنه أنه قال: «﴿ ثُمَّ ٱهْتَدَى﴾ إلىٰ ولايتنا أهل البيت([4])، فوالله! لو إن رجلاً عبد الله تعالىٰ عمره بين الرّكن والمقام، ثمّ مات ولم يجئ بولايتنا؛ لأكبّه الله تعالىٰ في النّار علىٰ وجهه».

ثمّ قال الألوسي: «وأنت تعلم إن ولايتهم وحبّهم رضي الله عنهم مما لا كلام عندنا في وجوبه، لكنه حمل الاهتداء في الآية علىٰ ذٰلك، مع كونها حكايةً لمّا خاطب الله تعالىٰ به بني إسرائيل في زمان موسىٰ؛، مما يستدعي القول بأنه عز وجل أعلم بني إسرائيل بأهل البيت، وأوجب عليهم ولايتهم إذ ذاك، ولم يثبت ذٰلك في صحيح الأخبار»([5]).

ولنقرأ ما سبق ولحق بهذه الآية: ﴿ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ  وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَامُوسَى﴾ ، فالآيات في بني إسرائيل، فما دخلْ آل البيت فيها، وهل هذا إلا التكلف والتنطع في فهم القرآن، والحمد لله على نعمة العقل والاتباع، ونعوذ بالله من الهوىٰ.

 

([1])        «جامع البيان» (16/127، 129).

([2])       «الجامع لأحكام القرآن» (11/231).

([3])       «تفسير القرآن العظيم» (5/309).

([4])       كما في تفسير «البرهان» وتفسير «الصّافي»، وكلاهما من تفاسير الشيعة الرافضة.

([5])       «روح المعاني» (8/551).