إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ
23-03-2023
[11] ﴿ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرّعد: 7].
القول الصّواب في تأويل هذه الآية:
قال ابن كثير رحمه الله: «عن ابن عبّاس: أي لكل قوم داع. وقال: يقول الله تعالىٰ: أنت يا محمد منذرٌ، وأنا هادي كل قوم. وكذا قال مجاهدٌ وسعيدٌ والضّحّاك وغير واحد. وعن مجاهد: ﴿ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ : أي: نبي. وعن ابن عبّاس لمّا نزلت: ﴿ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ ؛ قال: وضع رسول الله يده علىٰ صدره وقال: «أنا المنذر، ولكل قوم هاد»، وأومأ بيده إلىٰ منكب علي، فقال: «أنت الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون من بعدي». وهـٰذا الحديث فيه نكارةٌ شديدةٌ»([1]) ([2]).
وقال ابن عطية رحمه الله: «والألفاظ تطلق بهـٰذا المعنىٰ، ويعرف إن الله تعالىٰ هو الهادي من غير هـٰذا الموضع([3]). وقالت فرقةٌ: الهادي علي بن أبي طالب. ورويت عن النّبي من طريق ابن عباس أنه قرأ هـٰذه الآية وعلي حاضرٌ، فأومأ بيده إلىٰ منكب علي، وقال: «أنت الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون من بعدي». والذي يشبهه ــ إن صحّ هـٰذا([4]) ــ إن النّبي إنما جعل علياً مثالاً من علماء الأمّة وهداتها إلىٰ الدّين، كأنه قال: (أنت يا علي! وصنفك)، فيدخل في هـٰذا أبو بكر وعمر وعثمان وسائر علماء الصّحابة، ثمّ كذٰلك من كل عصر، فيكون المعنىٰ علىٰ هـٰذا: إنما أنت يا محمد منذرٌ، ولكل قوم في القديم والحديث دعاةٌ وهداةٌ إلىٰ الخير»([5]).
هـٰذا؛ علىٰ القول بصحّة الحديث، وإلّا فهو حديثٌ مردودٌ منكرٌ.
([1]) «تفسير القرآن العظيم» (4/434).
([2]) أخرجه ابن جرير الطّبري في «تفسيره» (13/443)، وهو حديثٌ مسلسلٌ بالضّعفاء، فيه:
1. الحسن بن الحسين العرني شيعي؛ قال أبو حاتم: «لم يكن بصدوق عندهم، كان من رؤساء الشّيعة». وقال ابن حبّان: «يأتي عن الأثبات بالملزقات، ويروي المقلوبات». وذكره الذهبي «ميزان الاعتدال»، وأورد هـٰذا الحديث في مناكيره، وقال: «رواه ابن جرير في تفسيره عن أحمد بن يحيىٰ عن الحسن، عن معاذ، ومعاذٌ نكرةٌ، فلعلّ الآفة منه». «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (3/6، 20)، «المجروحون» لابن حبان (1/289، 218)، «ميزان الاعتدال» للذهبي (1829).
2. معاذ بن مسلم، أبو مسلم الكوفي الهرّاء، بياع الهروي، شيعي، قال أبو حاتم: «مجهولٌ» «الجرح والتعديل» (8/248).
3. عطاء بن السّائب بن مالك الثّقفي، ثقةٌ، ولكنه اختلط في آخر عمره، فمن سمع منه قديماً فسماعه صحيحٌ، وليس معاذ بن مسلم ممن سمع منه قديماً. انظر «الكواكب النّيرات» لابن الكيال ص319 ــ 334.
([3]) أي: في آيات أخر غير هذه الآية.