وَمَنْ يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ
23-03-2023
[10] ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النِّسَاء: 115].
القول الصّواب في تأويل هذه الآية:
قال ابن كثير رحمه الله: «هـٰذا ملازمٌ للصّفة الأولىٰ، ولكن قد تكون المخالفة لنصّ الشّارع، وقد تكون لما أجمعت عليه الأمّة المحمدية فيما علم اتّفاقهم عليه تحقيقاً؛ فإنه قد ضمنت لهم العصمة في اجتماعهم من الخطأ، تشريفاً لهم وتعظيماً لنبيهم»([1]).
وقال الطّبري رحمه الله: «يعني جلّ ثناؤه بقوله ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ﴾ : ومن يباين الرّسول محمداً معاديا له، فيفارقه علىٰ العداوة له ﴿ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَى﴾ ، يعني: من بعد ما تبين له إنه رسول الله ..﴿ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ﴾ ؛ يقول: ويتّبع طريقاً غير طريق أهل التّصديق، ويسلك منهاجاً غير منهاجهم، وذٰلك هو الكفر بالله..»([2]).
وقال القرطبي رحمه الله: «هي عامّةٌ في كل من خالف طريق المسلمين.. قال العلماء: في قوله تعالىٰ ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ﴾ ؛ دليلٌ علىٰ صحّة القول بالإجماع»([3]). وقال البغوي رحمه الله: «طريق المؤمنين»([4]).
قلت: ولا شكّ ولا ريب إن أئمّة أهل البيت ــ كعلي والعبّاس وفاطمة والحسن والحسين وابن العبّاس وعبد الله بن جعفر، وغيرهم ــ من المؤمنين الذين أمرنا الله ــ تبارك وتعالىٰ ــ أن نتّبع سبيلهم وسبيل سائر الصّحابة كأبي بكروعمروعثمان وطلحة والزّبير وابنه وابن عمر وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم جميعاً. وهـٰذا إذا اتّفقوا ولم يختلفوا علىٰ أمر ما من أمور الشّرع.
ولهـٰذا تذكر هـٰذه الآية في كتب «علم أصول الفقه» كدليل علىٰ حجّية الإجماع.
([1]) «تفسير القرآن العظيم» (2/412).
([2]) «جامع البيان» (7/483 ــ 484).