[12] حديث ابن عبّاس: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتّىٰ يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن ماله فيما أنفقه ومن أين اكتسبه، وعن محبّتنا أهل البيت».

أخرجه الطّبراني([1])، قال: حدّثنا الهيثم بن خلف الدّوري، قال: حدّثنا أحمد بن محمد بن يزيد بن سليم([2]) ــ مولىٰ بني هاشم ــ، قال: حدّثنا حسين بن الحسن الأشقر، قال: حدّثنا هشيمٌ بن بشير، عن أبي هاشم الرّمّاني، عن مجاهد، عن ابن عبّاس: قال رسول الله : «لا تزول قدما العبد يوم القيامة حتّىٰ يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفنىٰ، وعن جسده فيما أبلاه، وعن ماله فيما أنفقه ومن أين كسبه، وعن حبّنا أهل البيت».

قال الطّبراني عقبه: «لم يرو هـٰذا الحديث عن أبي هاشم إلّا هشيمٌ، ولا عن هشيم إلّا حسين بن حسن، تفرّد به أحمد بن يزيد».

قلت: هذا الحديث باطلٌ بزيادة «وعن حبّنا أهل البيت» كما سيأتي في كلام العلّامة الألباني، وهي قطعاً من زيادة: حسين بن حسن الأشقر؛ وهو رافضي مغال، ضعيف جدّاً، شتّامٌ للصّحابة رضي الله عنهم، متروك الرواية، وقد تقدّم كلام أهل الجرح والتّعديل فيه تحت تخريج الحديث رقم (10).

وقد أورده العلّامة الألباني([3]) بلفظ الطّبراني في «المعجم الكبير»، وقال: «باطلٌ بهـٰذا اللّفظ.. عن ابن عبّاس مرفوعاً به.. وهـٰذا إسنادٌ ضعيف».

وذكر فيه علةً أخرىٰ، وهي عنعنة هشيم بن بشير، وهو «كثير التّدليس والإرسال الخفي»، كما قال الحافظ ابن حجر([4])، وقد عدّه في المرتبة الثّالثة من المدلّسين، وهم الذين لا يحتجّ بشيء من حديثهم إلا بما صرّحوا فيه بالسّماع([5]).

وقال الألباني رحمه الله: «وقد سرق بعض الكذّابين هـٰذا الحديث فركّب عليه إسناداً آخر إلىٰ ابن عبّاس به. رواه عبدالقاهر بن عبدالسلام العباسي في «الهاشميات» (6/109/1 ــ 2) عن محمد هو ابن زكريا الغلابي، قال: حدّثنا يعقوب، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن ابن عبّاس مرفوعاً. والغلابي هـٰذا وضّاعٌ معروفٌ([6]).

وركّب له أحد المجهولين إسناداً آخر، فجعله من مسند أبي ذرّ، ونقص منه السؤال عن العمر، ولفظه: «لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حتىٰ يسأل عن أربع، عن علمه ما عمل به؟ وعن ماله من أين اكتسبه، وفيما أنفقه؟ وعن حبّنا أهل البيت». فقيل: يا رسول الله! ومن هم؟ فأومىٰ بيده إلىٰ علي بن أبي طالب». أخرجه ابن عساكر([7])، عن يعقوب بن إسحاق القلوسي، قال: أخبرنا الحارث بن محمد المكفوف، قال: أخبرنا أبو بكر بن عياش، عن معروف بن خرّبوذ، عن أبي الطّفيل، عن أبي ذرّ مرفوعاً. قلت [الألباني]: وهـٰذا إسنادٌ ضعيف، معروف بن خرّبوذ متكلمٌ فيه؛ قال الذهبي: «صدوقٌ شيعي، ضعّفه يحيىٰ بن معين، وقال أحمد: ما أدري كيف حديثه؟ وقال أبو حاتم: يكتب حديثه»([8]).

وفيه الحارث بن محمد المكفوف، وقد ذكره الذهبي في «ميزان الاعتدال»([9])، وقال: «الحارث بن محمد المعكوف أتىٰ بخبر باطل». وذكر حديث: «لا تزول قدما عبد حتىٰ يسأل عن حبّنا أهل البيت».

وقال الحافظ ابن حجر: «وله عن حلو بن السّري، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله: «لا ألفينّ أحدكم يتغنّىٰ ويدع أن يقرأ سورة البقرة»، حلوٌ وثّق»([10]).

قال الألباني رحمه الله عن الحارث: «فلعلّه هو الآفة؛ فإن الحديث ــ بذكر أهل البيت فيه ــ منكرٌ، وقد خالفه الثّقة أسود بن عامر إسناداً ومتنا، فقال: حدّثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن سعيد بن عبد الله بن جريج، عن أبي برزة الأسلمي، قال: قال رسول الله .. فذكره دون جملة «حبّ أهل البيت»، وقال بدلها: «وعن جسمه فيم أبلاه». وزاد في أوّله «عن عمره فيم أفناه». وكذٰلك روي عن ابن مسعود ومعاذ رضي الله عنهما»([11]).

 

([1])        «المعجم الأوسط» (9406)، «المعجم الكبير» (11/83 ــ 84).

([2])       كذا في «المعجم الكبير»، والصواب: «سليمان».

([3])       «السلسلة الضعيفة» (4/394).

([4])       «تقريب التهذيب» (7362).

([5])       «تعريف أهل التقديس» (111).

([6])       قال الدّارقطني: «يضع الحديث». «سؤالات الحاكم للدارقطني» (206)، وانظر: «الضعفاء والمتروكين» (484).

([7])        «تاريخ دمشق» (42/259).

([8])       «ميزان الاعتدال» (8655)، وقول يحيىٰ في «تاريخ ابن أبي خيثمة» (266)، وقول أحمد في «العلل برواية ابنه عبدالله» (3519)، وقول أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (8/321)، وانظر: «السلسلة الضّعيفة» (4/394).

([9])       (1645).

([10])     «لسان الميزان» (2058).

([11])      «السلسلة الضّعيفة» (4/395).