نقد مراجعة الشيعي عبدالحسين رقم [10]

أورد عبدالحسين مجموعةً من النّصوص ستّة عشر حديثاً، لا يوجد فيها نصٌّ أو حديثٌ صريحٌ في دعوىٰ وجوب تقديم علي واتّباع أهل البيت رضي الله عنهم دون غيرهم، بل فيها وجوب المحبة والموالاة.

وها هي مناقشةٌ علميةٌ للأحاديث الستة عشر التي أوردها.

[1] حديث ابن عباس: «من سرّه أن يحيا حياتي ويموت مماتي، ويسكن جنة عدن غرسها ربي، فليوال علياً من بعدي».

قلت: هـٰذا حديثٌ موضوع؛ وفيه جماعةٌ لم أعرفهم، ولم أجد لهم تراجم، وهم في عداد المجهولين، فلا حجّة فيه([1]).

أخرجه أبو نعيم الأصبهاني([2]) ــ وابن عساكر من طريقه([3]) ــ: من طريق محمد بن جعفر بن عبدالرّحيم: حدثنا أحمد بن محمد بن يزيد بن سليم: حدثنا عبدالرّحمٰن بن عمران بن أبي ليلىٰ ــ أخو محمد بن عمران ــ: حدثنا يعقوب بن موسىٰ الهاشمي، عن ابن أبي روّاد، عن إسماعيل بن أمية، عن عكرمة، عن ابن عبّاس مرفوعاً.

وقال أبو نعيم: «وهو غريبٌ».

وقال ابن عساكر: «هـٰذا حديثٌ منكرٌ، وفيه غير واحد من المجهولين».

قال الألباني رحمه الله: «وهـٰذا إسنادٌ مظلمٌ، كل من دون ابن أبي روّاد مجهولون؛ لم أجد من ذكرهم. غير أنه يترجّح عندي أن أحمد بن محمد بن يزيد بن سليم إنما هو ابن مسلم الأنصاري الأطرابلسي المعروف بابن أبي الحناجر».

وقد قال ابن أبي حاتم: «كتبنا عنه، وهو صدوقٌ»([4]).

ثم قال رحمه الله: «وفضل علي رضي الله عنه أشهر من أن يستدلّ عليه بمثل هـٰذه الموضوعات التي يتشبّث الشيعة بها، ويسوّدون كتبهم بالعشرات من أمثالها، مجادلين بها في إثبات حقيقة لم يبق اليوم أحدٌ يجحدها وهي فضيلة علي رضي الله عنه».

وقال: «وكيف لا يكون منكراً وفيه هـٰذا الدّعاء! «لا أنالــهم الله شفاعتي»، الذي لا يعهد مثله عن النّبي ، ولا يتناسب مع خلقه  ورأفته ورحمته بأمّته.

وهـٰذا الحديث من الأحاديث التي أوردها صاحب «المراجعات» عبدالحسين الموسوي نقلاً عن «كنز العمّال» (6/155، 217 ــ 218)، موهماً أنه في مسند الإمام أحمد، معرضاً عن تضعيف صاحب «الكنز» إياه تبعاً للسّيوطي!

وكم في هـٰذا الكتاب «المراجعات» من أحاديث موضوعات، يحاول الشيعي أن يوهم القرّاء صحّتها، وهو في ذٰلك لا يكاد يراعي قواعد علم الحديث حتّىٰ التي هي علىٰ مذهبهم! إذ ليست الغاية عنده التّثبّت مما جاء عنه  في فضل علي رضي الله عنه، بل حشر كل ما روي فيه! وعلي رضي الله عنه كغيره من الخلفاء الرّاشدين والصّحابة الكاملين أسمىٰ مقاماً من أن يمدحوا بما لم يصحّ عن رسول الله صلّىٰ الله تعالىٰ عليه وآله وسلّم.

ولو أن أهل السُّنة والشيعة اتّفقوا علىٰ وضع قواعد في «مصطلح الحديث» يكون التّحاكم إليها عند الاختلاف في مفردات الرّوايات، ثمّ اعتمدوا جميعاً علىٰ ما صحّ منها؛ لو أنهم فعلوا ذٰلك لكان هناك أملٌ في التّقارب والتّفاهم في أمّهات المسائل المختلف فيها بينهم، أما والخلاف لا يزال قائماً في القواعد والأصول علىٰ أشدّه فهيهات هيهات أن يمكن التّقارب والتّفاهم معهم، بل كل محاولة في سبيل ذٰلك فاشلةٌ. والله المستعان» اهـ.

 

([1])        انظر: «سلسلة الأحاديث الضّعيفة» (2/298 ــ 299).

([2])       «حلية الأولياء» (1/86).

([3])       «تاريخ دمشق» (42/240).

([4])       «الجرح والتعديل» (2/73).