مراجعة الشيعي عبدالحسين 10
23-03-2023
مراجعة الشيعي عبدالحسين رقم [10]
15 ذي القعدة سنة 1329 هـ
لئن تلقيت مراجعتي بأنسك، وأقبلت عليها وأنت علىٰ جمام من نفسك، فطالما عقدت آمالي بالفوز، وذيلت مسعاي بالنجح، وإن من كان طاهر النية، طيب الطوية متواضع النفس، مطرد الخلق، رزين الحصاة، متوجاً بالعلم، محتبياً بنجاد الحلم، لحقيق بأن يتمثل الحق في كلمه وقلمه، ويتجلىٰ الإنصاف والصدق في يده وفمه. وما أولاني بشكرك، وامتثال أمرك، إذ قلت زدني. وهل فوق هـٰذا من لطف وعطف وتواضع، فلبّيك لبّيك لأنعمن عينيك فأقول:
[1] أخرج الطّبراني في الكبير([1])، والرافعي في مسنده بالإسناد إلىٰ ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من سرّه أن يحيا حياتي ويموت مماتي، ويسكن جنة عدن غرسها ربي، فليوال علياً من بعدي، وليوال وليه، وليقتد بأهل بيتي من بعدي، فإنهم عترتي، خلقوا من طينتي، ورزقوا فهمي وعلمي، فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي، القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي».
[2] وأخرج مطير([2])، والبارودي([3]) وابن جرير، وابن شاهين، وابن منده، من طريق إسحاق([4])، عن زياد بن مطرف، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «من أحب أن يحيا حياتي ويموت ميتتي ويدخل الجنة التي وعدني ربي، وهي جنة الخلد فليتول علياً وذريته من بعده، فإنهم لن يخرجوكم من باب هدىٰ، ولن يدخلوكم باب ضلالة».
[3] ومثله حديث زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من يريد أن يحيا حياتي، ويموت موتي، ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربي، فليتولّ علي بن أبي طالب، فإنه لن يخرجكم من هدىٰ، ولن يدخلكم في ضلالة».
[4] وكذٰلك حديث عمّار بن ياسر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب، فمن تولاه فقد تولاني، ومن تولاني فقد تولّىٰ الله، ومن أحبه فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغضه فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله ».
[5] وعن عمّار أيضا مرفوعاً: «اللهم من آمن بي وصدقني فليتول علي بن أبي طالب، فإن ولايته ولايتي، وولايتي ولاية الله تعالىٰ».
[6] وخطب صلى الله عليه وآله وسلم مرة فقال: «يا أيها الناس إن الفضل والشرف والمنزلة والولاية لرسول الله وذريته، فلا تذهبن بكم الأباطيل».
[7] وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي، ينفون عن هـٰذا الدين تحريف الضالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين. ألا وإن أئمتكم وفدكم إلىٰ الله، فانظروا من توفدون».
[8] وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «فلا تقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم».
[9] وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «واجعلوا أهل بيتي منكم مكان الرأس من الجسد، ومكان العينين من الرأس، ولا يهتدي الرأس إلا بالعينين».
[10] وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «الزموا مودتنا أهل البيت، فإنه من لقي الله وهو يودّنا، دخل الجنة بشفاعتنا؛ والذي نفسي بيده لا ينفع عبداً عمله إلا بمعرفة حقنا».
[11] وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «معرفة آل محمد براء ة من النار، وحب آل محمد جواز علىٰ الصراط، والولاية لآل محمد أمان من العذاب».
[12] وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتىٰ يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن ماله فيما أنفقه ومن أين اكتسبه، وعن محبتنا أهل البيت».
[13] وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «فلو أن رجلاً صفن ــ صف قدمية ــ بين الركن والمقام فصلّىٰ وصام وهو مبغض لآل محمد دخل النار».
[14] وأخرج الحاكم وابن حبان في «صحيحه» كما في «أربعين» النبهاني و«إحياء» السيوطي عن أبي سعيد قال: قال رسول الله: «والذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت رجل إلا دخل النار».
[15] وأخرج الطّبراني كما في «أربعين» النبهاني و«إحياء» السيوطي عن الإمام الحسن السبط، قال لمعاوية بن خديج: إياك وبغضنا أهل البيت فإن رسول الله قال: «لا يبغضنا أحد ولا يحسدنا أحد إلّا ذيد يوم القيامة عن الحوض بسياط من نار».
[16] وخطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: «يا أيها الناس من أبغضنا أهل البيت حشره الله يوم القيامة يهودياً».
[17] وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «من مات علىٰ حب آل محمد مات شهيداً، ألا ومن مات علىٰ حب آل محمد مات مغفوراً له، ألا ومن مات علىٰ حب آل محمد مات تائباً، ألا ومن مات علىٰ حب آل محمد مات مؤمناً مستكمل الإيمان، ألا ومن مات علىٰ حب آل محمد بشّره ملك الموت بالجنة، ثم منكر ونكير، ألا ومن مات علىٰ حب آل محمد يزف إلىٰ الجنة كما تزف العروس إلىٰ بيت زوجها، ألا ومن مات علىٰ حب آل محمد فتح له في قبره بابان إلىٰ الجنة، ألا ومن مات علىٰ حب آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة، ألا ومن مات علىٰ حب آل محمد مات علىٰ السنّة والجماعة، ألا ومن مات علىٰ بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه: آيس من رحمة الله ..».
إلىٰ آخر خطبته العصماء التي أراد صلى الله عليه وآله وسلم أن يرد بها شوارد الأهواء. ومضامين هـٰذه الأحاديث كلها متواترة، ولا سيما من طريق العترة الطاهرة.
وما كان لتثبت لهم هـٰذه المنازل، لولا أنهم حجج الله البالغة، ومناهل شريعته السائغة، والقائمون مقام رسول الله في أمره ونهيه، والممثلون له بأجلىٰ مظاهر هديه، فالمحب لهم بسبب ذٰلك محب لله ولرسوله، والمبغض لهم مبغض لهما، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم:
[18] «لا يحبنا ــ أهل البيت ــ إلا مؤمن تقي، ولا يبغضنا إلا منافق شقي»، ولذا قال فيهم الفرزدق:
من معشر حبهـم ديــن وبغضهـم
كفــر وقربهـم منجــىٰ ومعتصــم
إن عــدّ أ هـل التقــىٰ كانوا أئمتهم
أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم
وكان أمير المؤمنين (ع) يقول: «إني وأطائب أرومتي، وأبرار عترتي، أحلم الناس صغاراً وأعلم الناس كباراً، بنا ينفي الله الكذب، وبنا يعقر الله أنياب الذئب الكلب، وبنا يفك الله عنتكم، وينزع ربق أعناقكم، وبنا يفتح الله ويختم»([5]).
وحسبنا في إيثارهم علىٰ من سواهم، إيثار الله عز وجل إياهم، حتىٰ جعل الصلاة عليهم جزء من الصلاة المفروضة علىٰ جميع عباده، فلا تصح بدونها صلاة أحد من العالمين، صدّيقاً كان أو فاروقاً أو ذا نور أو نورين أو أنوار، بل لابد لكل من عبد الله بفرائضه، أن يعبده في أثنائها بالصلاة عليهم كما يعبده بالشهادتين، وهـٰذه منزلة عنت لها وجوه الأمة، وخشعت أمامها أبصار من ذكرتم من الأئمة، قال الإمام الشافعي رضي الله عنه:
يا أهل بيت رسول الله حبّكم
فرضٌ من الله في القرآن أنزله
كفاكم من عظيم الفضل أنكم
من لم يصلّ عليكم لا صلاة له([6])
ولنكتف الآن بهـٰذا القدر، مما جاء في السنّة المقدسة من الأدلة علىٰ وجوب الأخذ بسنتهم، والجري علىٰ أسلوبهم، وفي كتاب الله عز وجل آيات محكمات توجب ذٰلك أيضا، أوكلناها إلىٰ شاهد لبّكم ومرهف ذهنكم، وأنتم ممن تكفيه اللمحة الدالة، ويستغني بالرمز عن الإشارة. والحمد لله رب العالمين.
([1]) هـٰذا كذبٌ من الشيعي عبدالحسين؛ إذ لا توجد رواية ابن عباس في المطبوع من «المعجم الكبير»، وقد وهم أيضاً المعلّقون الشيعة علىٰ كتاب «لمراجعات» المطبوع ضمن «موسوعة مؤلفات عبدالحسين» (1/36)، فعزوه إلىٰ «المعجم الكبير» (5/191)، والصّواب أن هـٰذا الموضع فيه رواية زيد بن أرقم لهـٰذا الحديث بلفظ قريب، وليس من رواية ابن عبّاس ــ ﷺ جميعاً ــ كما زعم عبدالحسين.
([2]) كذا في طبعات «المراجعات»، وهو خطأٌ صوابه: «مطينٌ».
([3]) كذا في طبعات «المراجعات» ــ عدا طبعة الموسوعة ــ، وهو خطأٌ صوابه: «الباوردي».
([4]) كذا في طبعات «المراجعات» ــ عدا طبعة الموسوعة ــ، وهو خطأٌ صوابه: «أبي إسحاق».
([5]) هذا أثرٌ لا حجّة فيه ــ إن صحّ ــ علىٰ أحقّية أهل البيت بالإمامة دون غيرهم.
([6]) هذه الأبيات الشعرية لا حجّة فيها أيضاً علىٰ أحقّية أهل البيت بالإمامة دون غيرهم.