حديث
23-03-2023
[8] حديث: «أيها الناس يوشك أن أقبض قبضاً سريعاً، فينطلق بي، وقد قدمت إليكم القول معذرة إليكم ألا إني مخلّف فيكم كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي». ثم أخذ بيد علي فرفعها فقال: «هـٰذا علي مع القرآن، والقرآن مع علي، لا يفترقان حتىٰ يردا علي الحوض».
الحديث أورده الشيعي عبدالحسين وعزاه إلىٰ «صواعق» الهيتمي، وهـٰذا الأخير ــ الهيتمي ــ لم يذكر من خرّجه، ولا من رواه من الصّحابة، بل اكتفىٰ بقوله: «وفي رواية..»، ثمّ ساقه.
قلت: أمّا الجزء الأوّل من الحديث ــ وهو قوله: «أيها الناس يوشك أن أقبض.. وعترتي أهل بيتي» ــ فلم أجده بهذا التّمام في شيء من كتب أهل السُّنة، لا مسنداً ولا موقوفاً؛ فلا حجّة فيه. وما فيه من ذكر الكتاب والعترة مقرونين؛ فتقدّم أنه منكرٌ؛ فلا حجّة فيه أيضاً.
وأمّا الجزء الثّاني وهو قوله: «هـٰذا علي مع القرآن، والقرآن مع علي، لا يفترقان حتىٰ يردا علي الحوض»؛ فقد رواه الطّبراني والحاكم:
رواه الطّبراني في معجميه «الأوسط والصّغير»([1])، قال فيهما ــ والسّياق للأوسط ــ: حدّثنا عبّاد بن سعيد([2]) الجعفي الكوفي([3])، حدّثنا محمد بن عثمان بن أبي البهلول الكوفي([4])، حدّثنا صالح بن أبي الأسود، عن هاشم بن البريد، عن أبي سعيد التّيمي، عن ثابت مولىٰ آل([5]) أبي ذرّ، عن أمّ سلمة، قالت: سمعت النّبي يقول: «علي مع القرآن، والقرآن معه([6])، لا يفترقان حتّىٰ يردا علىٰ الحوض».
قال الطّبراني عقبه في «الأوسط»: «لا يروىٰ هـٰذا الحديث عن ثابت مولىٰ أبي ذرّ إلّابهـٰذا الإسناد، تفرّد به صالح بن أبي الأسود».
وقال عقبه في «الصّغير»: «لا يروىٰ عن أمّ سلمة إلّابهـٰذا الإسناد، تفرّد به صالح بن أبي الأسود، وأبو سعيد التّيمي يلقّب عقيصا، كوفي».
ولم ينفرد به صالحٌ عن هاشم بن البريد؛ فقد تابعه علي بن هاشم في «مستدرك الحاكم» كما سيأتي، ولا يفرح بهذه المتابعة؛ فيها عقيصاء أبو سعيد التّيمي وهو متروك الحديث.
ورواه الحاكم في «المستدرك» (3/124)، من طريق علي بن هاشم بن البريد، عن أبيه هاشم بن البريد، قال: حدّثني أبو سعيد التّيمي، عن أبي ثابت مولىٰ أبي ذرّ، عن أمّ سلمة قالت([7]): سمعت رسول الله يقول: «علي مع القرآن، والقرآن مع علي، لن يتفرّقا حتّىٰ يردا علىٰ الحوض».
قال الحاكم عقبه: «حديثٌ صحيح الإسناد، وأبو سعيد التّيمي هو عقيصاء ثقةٌ مأمونٌ([8])، ولم يخرّجاه»، وسكت الذهبي.
قلت: هذا إسنادٌ ضعيف واه:
فيه عند الطّبراني: صالح بن أبي الأسود الكوفي الخياط([9]) قال ابن عدي: «أحاديثه ليست بالمستقيمة.. وفي أحاديثه بعض النّكرة، وليس هو بذٰلك المعروف»([10]). ووهّاه الذهبي([11])، وأقرّ فيه كلام ابن عدي، ووهّاه أيضاً في «ديوان الضّعفاء»([12])، وقال في «المغني في الضّعفاء»: «منكر الحديث»([13]). وذكر الهيثمي الحديث في «المجمع» وقال: «رواه الطبراني في الصغير والأوسط، وفيه صالح بن أبي الأسود وهو ضعيف»([14]).
وفيه عند الطّبراني والحاكم: أبو سعيد التّيمي، اسمه دينارٌ، ولقبه عقيصاء، والظّاهر أن مدار الحديث عليه وهو علّته: ذكر ابن معين أنه «شرٌّ» من جماعة ضعفاء ومتروكين منهم أصبغ بن نباتة([15])، وأصبغ كذّابٌ. وقال البخاري: «يتكلمون فيه»([16])، وقال النّسائي: «ليس بالقوي»([17])، وقال الدّارقطني: «متروكٌ»([18])، وقال أيضاً: «روىٰ عن علي مناكير، رماه أبو بكر بن عياش بالكذب»([19]).
وبناءً علىٰ ما سبق؛ يتضّح أن قول الحاكم: «حديثٌ صحيح الإسناد، وأبو سعيد التّيمي عقيصاء ثقةٌ مأمونٌ»؛ قولٌ مردودٌ.
علماً بأن الشيعي سيعيد ــ كما هي عادته ــ هـٰذا الحديث في المراجعة رقم (50).
([1]) «المعجم الأوسط» (4880)، «المعجم الصّغير» (720).
([2]) تحرّف في «المعجم الصّغير» إلىٰ: «عباد بن عيسىٰ»؛ لذا لم يعرفه محقّق الكتاب.
([3]) «الكوفي» زيادة من «المعجم الصّغير».
([4]) «الكوفي» زيادة من «المعجم الصّغير».
([5]) «آل» زيادة من «المعجم الصّغير».
([6]) في «المعجم الصّغير»: «والقرآن مع علي».
([7]) في «المستدرك»: «قال»، وهو خطأ واضحٌ، والصواب: «قالت»، كما أثبتّ.
([8]) بل هو «متروك الحديث» كما سيأتي.
([11]) «ميزان الاعتدال» (3771). وأقرّه الحافظ ابن حجر في «اللسان» (4/280).
([14]) «مجمع الزّوائد» (9/168).
([15]) «التاريخ» رواية الدوري (1715).
([16]) «التاريخ الكبير» (854).
([17]) «الضعفاء والمتروكون» (188).